د.شريف بن محمد الأتربي
تتوافق زيارة الوفدين الأمريكي والروسي للرياض بدعوة من سمو ولي العهد لإذابة جليد التواصل الحاصل بين القوتين العظميين نتيجة العديد من المواقف الاقتصادية والسياسية؛ يتتوافق هذه الزيارة مع احتفاء الوطن بتاريخ تأسيس الدولة السعودية الأولى: يوم بدينا، ليقوم العالم أجمع وقوفا لتحية المملكة العربية السعودية على مواقفها الفارقة في كل أحداث العالم منذ بدأ العالم، وليثبت للجميع أن العالم وأن توقف، فإن السعودية تتحرك ولا تتوقف.
في كثير من الأحيان تجد الدول الكبرى أو العظمى -سمها ما شئت- صعوبة في حل مشاكلها، ليس لأنها لا تعرف الحل، ولكن لأنها تنكره ولا تريد أن يصدر عنها فتظهر بمظهر الضعيف أو المغلوب على أمره، فتبدأ من جانبها البحث عن القوى الإقليمية الأخرى لتساعدها في عرض هذا الحل كمقترح من جانبها وسرعان ما توافق عليه لتظهر بمظهر المتعاون وأيضا الفائز القوي، وحين تكون الحالة هكذا نجد دائما الدار السعودية مفتوحة للجميع للجلوس معا والتفاهم والتفاوض وحل المشكلات.
من زيارة للرئيس السوري الشرع ومقابلته لسمو ولي العهد وكبار المسؤولين السعوديين كأول دولة يتوجه إليها بعد تكليفه من قبل القوى الوطنية برئاسة الدولة مؤقتا، إلى انتخاب الرئيس اللبناني، إلى زيارة الوفدين الأمريكي والروسي، إلى الموقف القوي والصلب أمام القوى الغاشمة التي تريد نزع السكان من أرضهم وتغريبهم في فلسطين، إلى وإلى... من المواقف التي حدثت خلال فترة وجيزة على مستوى العالم وليس على مستوى قارة أو إقليم؛ تجد دائما علم المملكة العربية السعودية يتوسط كل أعلام الدول المشاركة في الأحداث، هذا العلم صاحب عبارة التوحيد، وألوان خضراء وبيضاء ترسل للغادي والعابر عبارات بدون كلمات: فاللون الأخضر يرمز إلى النماء والخصب، واللون الأبيض يرمز إلى السلام والنقاء، ويرمز السيف إلى العدل والأمن، وهذه الرمزية للسيف لها جذور عربية؛ حيث يعد السيف صنواً للنبل والمروءة عند العرب.
منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، والتي بدأت عام 1727 ميلادي (1139 هجري) على يد الإمام محمد بن سعود في الدرعية، والمملكة العربية السعودية دولة سلام وإخاء، لم تتعد في يوم من الأيام على جار أو صديق، تحمي حدودها، وحدود جيرانها من الأشرار والفجار، نشأت على الإسلام والعقيدة الإسلامية الصحيحة، كان جل غايتها أن تعيد للدين مكانته، وأن تهيئ حياة طيبة لسكان هذه المنطقة، فتوحدت القبائل تحت رايتها، واستقر الأمن بفضل الله ثم بعدل قادتها.
مرت عشرات ومئات السنين منذ النشأة، تغير العالم خلالها تغيرا جذريا، سقطت إمبراطوريات، وتفككت دول، واندثرت حضارات، والسعودية ولله الحمد باقية وشامخة، ضعفت في بعض الأحيان، ولكنها كانت كبوة جواد، فما أن عادت إلى ميدانها، فما وُجد للفروسية فرسان غير رجالها، عم خيرها الجميع، واحتضنت تحت سقف سمائها ملايين من البشر، ما بين حجاج ومعتمرين، وعاملين، كانوا ولازالوا أخوة للسعوديين، لم تفرق بينهم لا بالعرق ولا بالدين، فأنت على أرض السعودية من الآمنين، المطمئنين.
دائما وأبدا، وفي المحافل والأحداث الكبرى تجد قادة السعودية أول الحاضرين والمشاركين، ففيصل رحمه الله كان من اشد المدافعين عن القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية، ومواقفه كانت واضحة وجلية، وفهد وقف بجوار شقيقته الكويت لاستعادة أرضها من العدوان الغاشم عليها من جارتها العراق، وعبد الله دعم مصر وحماها من السقوط في أيدي عصابة من مدعي الدين، وسلمان كان ولازال الداعم الأول لكل القضايا العربية والخارجية.
لم تتوقف الدولة السعودية يوما عن الدعم المطلق لكل القضايا الخارجية الإقليمية والعربية والعالمية، وهي الحصن الداعم للعالم كله من الوقوع في فوضى الخلافات، ورغم انشغال قادتها بتحقيق أحلام شعبهم إلا أن سلمان وعضيده ابن سلمان لم يتوقفا يوما عن الدعم، والتصدي لكل محاولات تغيير جغرافية العالم وخاصة العالم العربي، ما يدور حاليا من أفكار في رؤوس بعض القادة الغربيين بتهجير الفلسطينيين من ارضهم لم تجد غير سلمان وابن سلمان عائق أما تنفيذ مخططاتهم، فالسعودية العظمى تتحرك والعالم يقف متعلما.