خالد الرماح
يخبرنا مجد التاريخ أن الاقتصاد الوطني لكل دولة هو عمودها الفقري وموردها الرئيس في استقرارها، حيثُ عاش الاقتصاد السعودي مرحلة تأسيس وبناء بدأت منذ تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1727م، ليكون التحدي ليس فقط توحيد القبائل، بل كان لبناء الاقتصاد المستدام وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنذُ توحيد المملكة عام 1351هـ-1932م، وحتى عام 1389هـ - 1969م، منتقلة لمرحلة التطور، أي التخطيط التنموي، التي ارتكزت على أهم عاملين من أداء عام 1435هـ-2014م، وهما: (مستوى ونمو العوائد النفطية، ثُم سياسات الإنفاق الحكومي)، بعيداً عن اعتمادها على الأنشطة الزراعية والرعوية والتجارة المحدودة اقتصاديًا.
ومع ذلك، كان الاكتشاف الكبير للنفط في عام 1938 نقطة تحول رئيسية؛ لتكون واحدة من أغنى دول العالم ومؤثرة على قرارات قطاع النفط وتصديره بشكل منظم إلى الأسواق العالمية.
وبدعم استقرار الدولة الناشئة الجديدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله-، نشهد تحولًا اقتصاديًا عميقًا، يزداد عزة وفخراً برؤية المملكة 2030، وأهدافها في تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، وبناء اقتصاد متين يواكب التطورات العالمية.. عبر تعزيز القطاعات مثل السياحة، الترفيه، التقنية، والصناعة العسكرية. تشمل الرؤية أيضًا تطوير التعليم، وتحفيز الابتكار، وزيادة فرص العمل للشباب وتحويل التحديات إلى فرص.
لقد احتلت المملكة المركز الأول في المنطقة من حيث قيمة الاستثمار الجريء خلال عامي 2023 و2024، مما يعكس التزامها المستمر بدعم رواد الأعمال والشركات التقنية الناشئة.
وفقًا لتقرير (NTDP)، لتعزيز بيئة ريادة الأعمال، فقد وصل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 49 % في الاستثمار الجريء خلال الفترة 2020 - 2024، متجاوزةً بذلك المتوسط الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي بلغ 4 %، وذلك وفقًا لبيانات MAGNITT.، وهو ما يُؤكد قوة تقرير الميزانية الصادر عن وزارة المالية للربع الرابع من عام 2024 يعبر عن دور ومكانة المملكة الاقتصادية، والتي بلغت إيراداتها غير النفطية 502 مليار ريال، بزيادة 10 % عن العام الماضي، مما يعكس نجاح المملكة في تنويع اقتصادها، وخلق مصادر دخل جديدة، كما ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي إلى 51.4 %، مما يثبت أن الاقتصاد السعودي لم يعد مرهونًا بتقلبات أسواق الطاقة، كوسيلة ترجمة لرؤية القيادة التي أدركت أن قوة الدول لا تُقاس فقط بثرواتها الطبيعية، بل بقدرتها على استثمار مواردها، وتنمية عقول أبنائها، لتصبح سعوديتنا الأكثر قدرة على المنافسة والاستدامة، والأكثر تأثيراً في القرارات العالمية الاقتصادية كونها من أكبر اقتصادات مجموعة الـ G 20، لاسيما موقفها المشرف في أزمة كوفيد 19، وإنسانيتها العالمية في قضايا كبرى شهد لها العالم بدورها البارز.. فكل عام ووطنا أكثر ازدهارًا وتقدمًا، وكل عام ونحن بثرانا أحرار نحميه ونمضي بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حاملين لواء الحُب والسلام والإبداع، مستلهمين عزيمة أجدادنا من صحراء قاحلة لاقتصاد أخضر مستدام يُحقق طموحات الغد.