عبده الأسمري
رتب مواعيد «النقد» على أسوار «البراعة» ووزع «وعود» الأدب عبر متون «البلاغة» متخذا من «اللغة العربية» عنوانا كتب به «تفاصيل» الإثبات ومضمونا ردد به «تراتيل» الثبات.
قطف ثمار «التحليل» النقدي في «مواسم» التنافس وخاض غمار»التأصيل» اللغوي في «مراسم» التفوق فكان «ابن» الثقافة البار الذي نازل «خصوم «التأويل الأدبي مدافعا عن موضوعية «التخصص» ومترافعا ضد «فوضوية» الأخطاء.
رسم «خرائط» التأليف بخطوط الموهبة محولا الإنتاج إلى «بشائر» من الدهشة صنعت الذائقة ووظفت «الأثراء» وأتاحت «الاستقراء» متجها بالفكر «النقدي» إلى مراسي أمنة من «الكفاءة» قوامها «شفافية» الرأي ومقامها «احترافية» الدور.
أنه الأديب والناقد البروفيسور محمد مريسي الحارثي رحمه الله أحد أبرز رواد الأدب والثقافة والنقد في الوطن والعالم العربي.
بوجه «طائفي» الملامح حجازي «الشموخ» تسكنه سمات «الهدوء» ولمحات «التروي» وتقاسيم مألوفة تتشابه مع أسرته العريقة وتتكامل مع عائلته الشهيرة وعينان تلمحان بنظرات «الرقي» وشخصية أنيقة الحضور أصيلة المسيرة نبيلة التعامل لطيفة المعشر وكاريزما أدبية تتوارد منها معاني «الأدب» وتسطر وسطها معالم «الثقافة» وصوت جهوري ذو لكنة فريدة تتجلى منها عبارات «النقد» وتتعالى وسطها «اعتبارات» الجد ومفردات «قولية» تنطلق من «مخزون» أدبي فاخر وانفرادات «لفظية «تنبع من «مكنون» ثقافي قضى الحارثي من عمره «عقود» وهو يرسخ «أسس» اللغة العربية ويوظف أصول القراءة النقدية ويؤصل «أركان» الهوية الثقافية ويحقق «رؤى» الهيئة الأدبية ويملأ «قاعات» الجامعات بإمضاء «التدريس» ويبهج «منصات» المناسبات بعطاء «الفكر» أديبا ومثقفا وناقدا ومؤلفا ترددت سيرته في أصداء «الذاكرة» وتمددت مسيرته في أبعاد «التأثير» تاركا اسمه في قوائم «المبدعين» وصيته في مقامات «المؤثرين».
في قرية «الصور» ببني الحارث جنوب مدينة «الطائف» الشهيرة بزف «الفضلاء» إلى محافل التميز ولد في نهار «شتوي» مجلل ببشائر القدوم الميمون ومكلل بتباشير المقدم المبارك حيث إنطلقت في منزل والده الوجيه «الحارثي» اهازيج الفرح وانتشر في أرجاء الأماكن «أريج» الابتهاج.
تفتحت عيناه على «والد حكيم» اشتهر بالكرم والبذل حيث ملأ قلبه بعظيم «النصح» ووابل «التوجيه» و»أم حانية» عرفت بالنبل والعطف جادت عليه بسخاء الحنان وعطاء الدعاء فنشأ بين اتجاهين باذخين بالفضائل والمكارم وكبر وفي داخله «أناشيد» الحجاز و»حكايات» القرية و»مرويات» الطيبين المحفوظة في «صدور» الرجال والمنقولة عبر «مجالس» القوم.
تعتقت نفسه بروائح «الورد» الطائفي وتشربت روحه أنفاس «الإرث» الحارثي الذي اشتهر به قومه وتوارثته عشيرته فنشأ في «أحضان» القيم وتربي في «كنف» الهمم موليا بوصلة «همته» قبلة «اليقين» الذي اعتمر وجدانه طفلا ورافق أحلامه يافعا.
رافق الحارثي والده صغيرا ممسكا بكفه الأيمن ممتثلا لتلك «المواقف» المبكرة في أعماله والتي تحولت إلى منهجيات لاحقة شكل بها طريقه طابعا «قبلات» البر على جبينه كل مساء مفضيا إلى والدته أحاديث «الطفولة» الموشحة بالبراءة والعفوية والتي كانت تقابلها بدعوات «صادقة» وظل ينهيها بالارتماء في أحضانها ممعنا في الانتهال من ينابيع «الأمومة» والتي ملأت أعماقه بجميل «العاطفة».
ركض الحارثي مع أقرانه في ربى ميسان وقرى قيا وعلى ضفاف «وادي ضراء» متأملا نهارات «الحصاد» في مرابع قبيلته وإضاءات «السداد» في مجالس عائلته مستنشقا عبير «الفواكه» الصيفية في حقول «الحجاز» الخضراء المحاذية لجبال السروات «الصماء».
امتلك «الحارثي» موهبة مبكرة سبر أغوارها في طفولته واستمر يكتب أحلامه في «أوراقه» الخاصة بقلم أخضر بحبر «الأمل» ثم تحولت إلى «حقائق» سجلها بيراع «أزرق» على صفحات «الواقع».
انتظم الحارثي في التعليم العام ودرس الابتدائية في «مدرسة القرية الصغيرة» وأنهى تعليمه بتفوق ثم انتقل إلى «مدرسة دار التوحيد» الشهيرة والتي تخرج منها قامات الفكر ورجال الدولة وزامل رفقاء العلا وتخرج بتميز وبعد تخرجه عمل معلما في بداياته بوزارة المعارف براتب زهيد في حينها وواصل طموحه الكبير مستفيدا من «دوافع» عميقة في ذاته الشغوفة بالعلم حيث اكمل دراسته وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه وعمل محاضرا وأستاذا مساعدا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأستاذا مساعدا بجامعة أم القرى، ثم رئيسا لقسم الأدب، ثم عميدا لكلية اللغة العربية بالجامعة.
شارك في عشرات المؤتمرات والمناسبات والندوات وقدم الكثير من أوراق العمل والمحاضرات والأمسيات في الأندية الأدبية والجامعات والمراكز الثقافية وله عدة عضويات وحكم عدة بحوث ودراسات ونشر الكثير من البحوث المتخصصة في المجلات العلمية المحلية والعربية المحكمة، وكتب عديد من المقالات والدراسات والقراءات في مطبوعات الأندية الأدبية، وشارك في عدة لجان تحكيم لمسابقات ثقافية وأدبية شعرية ونثرية، وأشرف على مناقشة عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه.
للدكتور الحارثي عديد من المؤلفات القيمة منها: كتاب «تحبير الأقلام في تحرير الكلام»، و»في ديوان البلاغة العربية»، وكتاب «جدلية الواقع والمتخيل» وهو قراءة في شعر الأديب الشاعر الدكتور عبدالله محمد صالح باشراحيل، وكتاب «في أصول الحداثة العربية»، و»في ديوان النقد الأدبي»، و»المنهج البياني في تأويل النص»، و»عبدالعزيز الرفاعي أديبا»، و»الاتجاه الأخلاقي في النقد العربي» وغيرها.. وقد تم تكريمه في الكثير من المحافل والمنصات
وقد بلغ عدد مؤلفاته أكثر من 15 كتابا ونحو 60 دراسة متخصصة.
انتقل الحارثي إلى رحمة الله مساء الثلاثاء 19/ 8/ 1446هجري وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة العصر في الحرم المكي الشريف وتم دفنه في مقبرة شهداء الحرم بالشرائع».
وقد نعته عديد من المواقع حيث نشرت النعي الموسوعة العالمية للأدب العربي «أدب» على حسابها في منصة «أكس» وعزا فيه الكثير من الأدباء والمثقفين والمسؤولين وتم وصفه برائد من رواد الحركة الثقافية والأدبية في الوطن وكتب عن رحيله عديد من أصدقائه وزملائه في مقالات صحافية ومنشورات متعددة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ترك الحارثي من خلفه «ذرية مباركة» يمتلكون رصيدا مديدا من التربية والشهادات العليا والخبرات المختلفة كان خلفها «أبا حكيما ووالدا مباركا».
عرف عن «الأديب الراحل» سمو أخلاقه ونزاهة رأيه وشفافية رؤيته نحو الكثير من القضايا والنقاشات والحوارات وقد ترك بين طلابه واصدقائه ومعارفه «أصداء» مميزة تعكس رقي تعامله وأصالة معدنه ونبل أفعاله.
البروفيسور محمد مريسي الحارثي.. الأديب اللبيب والمثقف الأنيق والناقد الخبير صاحب السيرة «العريضة» المبهجة بالفوائد الفكرية والعوائد الثقافية في اتجاهات «المعارف» ومنصات «المشارف».