د.عبدالعزيز الجار الله
كانت الأطماع الإقليمية والدولية للسيطرة على الجزيرة العربية: السعودية ودول الخليج وجمهورية اليمن إضافة إلى المساحات الجنوبية من دولتي العراق والأردن (بادية الشام). أطماعا كبيرة لأسباب عدة منها:
- أنها تضم المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة.
- يقع على حدودها الغربي البحر الأحمر والشرقية الخليج العربي، والجنوبية بحر العرب والمحيط الهندي.
- تضم مضائق مائية في غاية الأهمية للتجارة الدولية هي مضائق: هرمز، وخليج عدن، وباب المندب، وقناة السويس، وخليج العقبة.
- رابط جغرافي حضاري وتجاري للقارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وحتى في التاريخ القديم كانت الأطماع تتجه قبل الإسلام زمن الممالك العربية القديمة إلى سواحل الجزيرة العربية الثلاث: البحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي. وللسيطرة على طرق الحج والتجارة القديم، ومع ظهور الإسلام اتجهت الأطماع الخارجية إلى المدينتين المقدستين.
على الرغم من التركيز على الشواطئ العربية فقد نشأت حضارات في داخل الجزيرة العربية قامت مرتكزاتها على الأودية الكبيرة، يمكن أن يطلق عليها حضارات الأودية، نشأت وسط المملكة في الأودية الشهيرة من الجنوب إلى الشمال: وادي نجران، وادي بيشة، وادي الدواسر، وادي السهباء بالخرج، وادي حنيفة بالرياض، وادي سدير، وادي الرمة بالقصيم، وادي الأديرع في حائل، وادي السرحان بالجوف، وادي عرعر ووادي الباطن بالحدود الشمالية.
و على أبرز هذه الأودية الحضارية تأسست وعاشت الدولة السعودية مراحلها الأولى وإرهاصاتها المبكرة في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، حيث أسّس إمارة الدرعية الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850 هجري/ 1446 ميلادي، وهو الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.
حكم الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية التي أصبحت مركزًا حضاريًا، تميزت بموقعها الجغرافي في كونها منطقة مفترق طرق تجارية ما بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، مما أسهم في تعزيز حركة التجارة فيها وفي المناطق المجاورة. وعرفت الدرعية تحولها من إمارة في وادي حنيفة إلى دولة عام 1727 دفعت الأمبراطورية العثمانية إلى تحريك جيوشها من مصر إلى تدمير الدرعية عام 1818، لكن الدرعية اعادت بحمد الله بناء نفسها عندما تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت إلى عام 1309هـ (1891م)؛ وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319هـ (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية عام 1932. ومرت المملكة خلال مسيرتها بتحولات عديدة من إمارة تعيش ضمن ثقافة الأودية وعلى مفاصل أحد طرق القوافل والتجارة البرية التي تربط تجارة الخليج العربي وبحر العرب، تربطها بالبحر الأحمر وبلاد الشام، حيث أصبحت من أهم اقتصادات العالم في مخزون النفط والغاز، وفي السنوات الأخيرة قدمت للعالم طروحات التنمية الاقتصادية والحضارية بعنوان الرؤية السعودية 2030 والتي أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 20 فبراير 2025 في (مبادرة مستقبل الاستثمار) المنعقدة في ولاية ميامي الأمريكية ، أشاد بالمملكة العربية السعودية، بالقيادة والمسؤولين السعوديين، وشكر ترامب في خطاب ألقاه في مبادرة مستقبل الاستثمار، المملكة العربية السعودية، وعلى وجه الخصوص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على استضافتهم للمحادثات الأمريكية مع روسيا والتي سارت بشكل جيد، وقال الرئيس الأمريكي إن المملكة تحظى بمكانة كبيرة لدينا بفضل قيادتها الاستثنائية.
وقال ترامب كذلك: إن المملكة العربية السعودية لديها مكان مميز، وقادة مميزون، مشيداً بمحافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان الذي وصفه بأنه عظيم، كما أشاد بوزير المالية محمد الجدعان قائلاً إنه وزير ممتاز في تلك البقعة من العالم.
هذه الإشادات العالمية من أكبر قوى العالم في النفوذ الدولي من الرئيسين الأمريكي ترامب، والرئيس الروسي بوتين بعد نجاح المصالحة الأمريكية الروسية في الدرعية بالرياض 18 فبراير ليؤكد أن الدرعية والعاصمة الرياض هي أحد محاور ومفاصل الاقتصاد والسياسة الدولية، وأيضا هي من يساهم في قيادة العالم للتنمية والاستقرار.