م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - الذي لديه إحساس عالٍ بالاستحقاق يكون أيضاً لديه شعور عالٍ بأن القواعد لا تنطبق عليه، وينظر للحياة من منظور يجعله يشعر أنه فوق الجميع، فلا القواعد ولا القوانين ولا العادات والتقاليد الاجتماعية تنطبق عليه، فهي للآخرين وليست له! ليس ذلك وحسب، بل إنه ينفر ويُسْتَفز من أي أحد يحظى بامتيازات أكثر منه، وهؤلاء أكثر ما نراهم في الطرقات ومن خلال طريقة قيادتهم لسياراتهم، أو تعاملاتهم في الأماكن العامة.
2 - الذي لديه إحساس عالٍ بالاستحقاق يريد أن يُعامل بأفضلية عن غيره، فالمساواة مسيئة له وتقليل من شأنه، وهؤلاء إما أنهم تربوا في بيت يعامل أطفاله بتدليل زائد ويوفر لهم رفاهاً مبالغاً فيه، ويعيش وسط حاشية من الخدم الذين يحيطون به، فنشأ يعتقد أن هذه هي الحياة داخل البيت وخارجه.. أو أنهم عاشوا في طفولتهم حالة من الحرمان من الانتباه أو الحب أو المال مع شعور بالاضطهاد كونهم في طفولتهم لم يحظوا بالرعاية والعناية للحصول على استحقاق أعلى مما يستحقونه.. فهم يعرفون أن كفاءتهم أقل وأنهم بلا إنجاز يُذْكر لكنهم يواجهون ذلك الشعور بالدونية بالمبالغة في النرجسية كتعويض عمَّا حُرموا منه في صغرهم.
3 - الذين لديهم إحساس عالٍ بالاستحقاق هم غالباً أنانيون متهورون لا يتحمّلون المسؤولية، بل إنهم في زوايا من حياتهم لديهم سلوكيات طفولية طائشة، وهم مصابون بالغيرة الشديدة، فهم يجب أن يكونوا الأفضل في كل شيء، فيما يعملونه، وفيما يقولونه، وفيما يملكونه، وينظرون بالغضب وبالكراهية لكل من يفوقهم في ذلك.
4 - إذا كان الشعور العالي بالاستحقاق ناتجاً عن الغرور، والمبالغة في تقدير قدرات الشخص، فهذا في حقيقته تنفيس عن شعور دفين بعدم الكفاءة، والذي يتم مجاراته بالتفاخر الزائف الكاذب المبني على معرفة وتقديرات خاطئة، فتضيع بوصلة الشخص في التفريق بين الغرور والثقة بالنفس.. لذلك تجده يُصاب بالانفعال الشديد من رفض أي طلب له، مع فقد تام للانضباط الذاتي، والانسياق خلف النزوات، وتقديم الرغبات الشخصية دون النظر إلى التبعات المترتبة.
5 - الذي لديه إحساس عالٍ بالاستحقاق يبالغ بشدة في المجازفة، فيقود نفسه ومن معه إلى حالة من الفوضى الكاملة التي تؤدي إلى الإفلاس.. المشكلة في هذه النوعية من الأشخاص أنهم يصابون بالعمى الكلي عن التأثير السلبي لسلوكياتهم على غيرهم ولا يأبهون بتوريط أصدقائهم أو حتى استهلاك مدخرات أسرهم إلى درجة لا يعود من الممكن سداد ديونهم، فتعم الفوضى وتتراكم المشاكل في حياته حتى يصبح طريق الإصلاح مستحيلاً.
6 - إذا كان الشعور العالي بالاستحقاق ناتجاً عن شعور الثقة بالنفس التي تنتج عن الكفاءة والقدرة والحضور المؤثِّر، فهذا أمر صحي ومطلوب، بل إنه مكمل لعناصر الكفاءة، فهي هنا تحل محل معرفة النفس، ووضعها في المكان الذي تستحقه.. هذا الإحساس المنعش بالاستحقاق يسمح للشخص بالتوسع والمخاطرة المحسوبة لتحقيق أهداف أعلى وأشمل وأكثر تحدياً.
7 - ذلك هو حال الذين لديهم شعور عالٍ بالاستحقاق.. فماذا عن أولئك الذي لديهم شعور متدنٍ بالاستحقاق؟