محمد سليمان العنقري
نزف النقاط المجاني في الدوري ليس هو ما خسره الهلال فقط هذا الموسم، بل خرج أيضاً من مسابقة كأس الملك، ولعل خسارته الأخيرة أمام الاتحاد كشفت عن حجم الإشكالية التي يعاني منها الفريق الأول، والتي يمكن تلخيصها بأنها مزيج بين الإدارة والنواحي الفنية، واذا كانت الجماهير تنظر للنتائج فقط وتحقيق البطولات إلا أن هناك تقييم تشغيليا ومتعلقا أيضاً بالجانب الاقتصادي، والذي له تأثير سلبي مستقبلاً على الايرادات في حال لم تعالج الملفات التي باتت تمثل تحدياً أمام إدارة النادي بعد أن كانت عناصر قوة ساهمت بتحقيقه لبطولات عديدة ونمو في الايرادات وعقود الرعاية فالجماهيرية تزداد مع البطولات، والاضافة تكون دائماً عند النشء الذين يميلون مبكراً للأندية التي تحقق الانتصارات والبطولات بمستوى ثابت نتيجة خطط الاستدامة بالتجديد المدروس.
فالهلال اليوم تحول لشركة دخلت مرحلة التخصيص، وأصبح يُنظر له من عدة جوانب؛ أي أن الأداء الرياضي هو المنتج الذي من خلاله تتأثر الايرادات وكلما كان الفريق بأحسن حال ويحقق البطولات سنوياً فإن ذلك يعني بالمفهوم التجاري أنه ناجح ويكون جاذبا لعقود الرعاية والاعلانات، وترتفع قيمتها وعددها مع الوقت بزيادة الجماهيرية والانتشار، وبذلك فإن مهمة إدارة النادي الحفاظ على جودة مخرجاتها لجمهور كرة القدم العريض لأنها اللعبة الشعبية الاولى بالعالم بدون منافس لها، من بين أي رياضات أخرى. وإدارة الهلال لمست أثر البطولات بشكل كبير من خلال العدد الكبير من عقود الرعاية والإعلانات والتي ساهمت بتخطي الايرادات لحاجز المليار ريال، ولكن في عالم الاعمال لا يوجد شيء مضمون لا بالحفاظ على الأداء الأفضل والمتطور بشكل دائم فالمنافسة شديدة ومع انطلاق المشروع الرياضي في المملكة فإن خارطة المنافسة ستتبدل تدريجياً والأندية التي ستخصص مستقبلا ستكون منافسة بقوة على البطولات بخلاف الاندية الأربعة التي استحوذ على حصص كبيرة فيها صندوق الاستثمارات العامة ومنها الهلال.
لكن بالعودة لتراجع نتائج الهلال بمختلف المسابقات المحلية فمن المهم التذكير بما قام به بايرن ميونيخ قبل موسمين فرغم حصوله على بطولة الدوري الا أنه أقال بعد ساعات من التتويج الادارة التنفيذية والرياضية والفنية لأن مستوى الفريق كان غير مستقر، ويشير لخلل فني وإداري موجود فتحرك ملاك النادي بقرار سريع وليس متسرعا وثبت أنه كان صحيحا لأن الموسم التالي خرج البايرن من كل البطولات ليقوموا بتصحيح الخلل ويعود هذا الموسم بقوة للمنافسة على البطولات المحلية والخارجية، كما يجب التذكير بما يجري في مانشستر ستي الذي يتشابه مع الهلال بحصولهم على عدد كبير من البطولات في المواسم الستة الماضية وحاليا تشهد مستوياتهم تراجعا، فهل تخمة البطولات السبب ، والقناعة بثقة تامة في القدرة على المنافسة والعودة من أي خسارة اسهمت بهذا التراجع بالأداء؟.
ففي الهلال هناك تساؤلات تطرح حول ادارة النادي حيث يعاني الفريق الأول من تواجد لاعبين من الواضح أنهم لن يقدموا اي اضافة او حلول فنية بل ان اخطاء بعضهم بدائية وبذلك فبقاؤهم ضرره ليس فنيا بل مادي حيث يتقاضون رواتب مرتفعة دون أي مساهمة فنية أو تسويقية كما ان تعاقدات الفريق الاول تطرح تساؤلات حول جدواها اقتصادياً فكيف يتم التعاقد مع لاعبين بمبلغ يقال ان مجموعة يفوق 170 مليون ريال وهما حسان تمبكتي ومتعب الحربي وبالنهاية يكونان على دكة البدلاء فهذا يعد إنفاقا بدون عائد في الوقت الذي يعدان مميزين ويقدمان عند اي مشاركة لهم مستوى يفوق اللاعبين الاساسيين بنفس المركز، كما أن تجديد عقود لاعبين لموسمين او اكثر ويشهد مستواهم تراجعا واضحا وأعمارهم تعد كبيرة ويقتربون من نهاية مسيرتهم الكروية يعد أمراً مستغرباً في عالم كرة القدم فكثير من الأندية العالمية المحترفة تقوم بعكس ذلك بل إنها تبيع عقود لاعبيها ممن اقتربوا من سن الاعتزال للاستفادة مادياً من ذلك.
كما أن انتظار إدارة الهلال عاما ونصف العام لشفاء نيمار ومن ثم الاستغناء عنه دون اي فاىدة من تواجده كان أمراً غريباً جدا، فلماذا لم يتم انهاء عقده من نهاية الموسم الماضي بدلاً من بقائه دون فائدة، ولماذا يستغنى عنه بعد عودته للملاعب واتضح انه بكامل الجاهزية ويقدم مستوياته المعهودة مع ناديه الجديد، بينما عانى الهلال من بداية مرحلة الاياب في الدوري من نقص الحلول الفنية والتي كان يمكن أن يعوضها لاعب مثل نيمار، كما أن إجهاد وارهاق اللاعبين الاساسيين من الموسم الماضي بسبب قلة التدوير بأن أثره حالياً بتكرار وزيادة الاصابات وضعف حساسية البدلاء للاندماج في خط الفريق أو المباريات فهم غالباً متفرجون ومشاركاتهم محدودة؛ فهذا كله يعد هدراً مالياً لتباين مدى الانتفاع من مشاركات اللاعبين اضافة لعامل مهم وهو دور المدير الفني للفريق الاول الذي يبدو اكبر مما يجب في التعاقدات والتمديد والاحتفاظ والاعارة للاعبين والعمل وفق قناعاته، وليس وفق الواقع واحتياجاته وثبت عدم صحة ذلك من خلال ضعف الخيارات في الفريق وعدم جدوى بقاء من تمسك بهم والخطأ باعارة لاعبين تميزوا بالاندية التي ذهبوا لها وعدم فاىدة من تم التعاقد معهم مؤخراً كما كان منتظراً والذي قيل ان له دورا اساسيا بذلك.
حققت إدارة الهلال انجازات كبيرة بالسنوات الماضية لكن الجماهيو والسوق ينظرون للوقت الحاضر والمستقبل ولذلك لابد من أن تبقى الإدارة في قمة الجاهزية للتعامل مع ظروف الفريق والحفاظ على ثبات مستوياته الممتازة للمنافسة على البطولات وحصدها تعزيزاً للجماهيرية وزيادة في الايرادات، وأن يكون التحرك اتجاه اي ملف في حينه وليس بعد فترة طويلة عطفاً على البيان الأخير للنادي الذي تناول مواضيع مضى علي بعضها شهور دون رد عملي فالساحة الرياضية حيوية جداً والتعامل معها لابد ان يكون بالطريقة المناسبة وبالسرعة الايجابية المطلوبة والا سيفقد أي تحرك أثره ويصبح محسوباً على الادارة وليس لها.