من اللحظات الصعبة عندما يحاول قلمك ترجمة مشاعرك، فأحياناً هناك مشاعر لا تُترجم، وأحاسيس لا تُكتب، وأحياناً تعجز الكلمات أن تنقل كل ما في داخلك، بالمختصر من المستحيل أن أكتب كل ما في داخلي تجاه صديق بمرتبة أخ، وصاحب بمرتبة شقيق.
في صباح يوم الأربعاء الموافق 10-2-2024م، وردني اتصال من أخي عبدالرحمن البطي يخبرني بوفاة والده اللواء عبدالله البطي! اتصال زلزل الأرض من تحت قدمي، وجعل الدنيا تسود في عيني، فضاقت الدنيا بي بما رحبت، قدماي لم تستطيعا حملي، لاحظ من حولي هول الصدمة علي من هذا الاتصال ففزعوا نحوي، ماذا دهاك؟ ماذا أصابك؟
جرح الفراق بخاطري ما أقدر أنساه
ومن يفقد أحبابه عسى الله يعينه
القدر (حق) وكلنا من ضحاياه
والدرب واحد وكلنا.. عارفينه
رحم الصديق والأخ والعضيد والصاحب الصادق الصدوق اللواء متقاعد عبدالله البطي وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
وفاته فاجعة، وفراقه عصيب، رزقنا الله الصبر والسلوان، ورزقه أعالي الجنان.
يعز علي حين أدير عيني
أفتش في مكانك لا أراكَ!
اللواء عبدالله البطي ذو الأخلاق العالية، اعتبره مدرسة في مجالات عدة، يملك ثقافة عالية، واطلاعاً لا حدود له، حكيم في تصرفاته، رزين في حديثه، متواضع في أفعاله، واصل لمحبيه وأصدقائه، محبوب من الجميع، درس العلوم الدينية على يد مشايخ كبار، وجالس الشعراء وحفظ الكثير منهم، والتحق بالسلك العسكري وانتهى به المطاف برتبة لواء، أمضى سنوات عديدة خدم فيها دينه ثم مليكه ووطنه على أكمل وجه.
كلُّ الجِراحِ إذَا داويتَها بَرِئَتْ
إلَّا الفِراقَ فجُرحٌ غيرُ مُلتَئِمِ!
رحل جسداً وستبقي روحه الطاهرة في قلوبنا ما حيينا، فقد ترك بصمة لا تُمحى، وذكرى لا تُنسى، وسيرة لا تزول، فهذا هو ديدن العظماء، يرحلون وتبقى سيرتهم تخلدهم للأبد.
وكل عزيز غاب كأنه شمس
في ذكرياتنا مع الصباح مخلد
نعدك يا صديقي أن نكون أوفياء لك بدعائنا وصدقاتنا.
اللَّهُمَّ افسح له في قبره مدَّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنَّة. اللََّهُمَّ إنَّه في ذمِّتك وحبل جوارك، فقِهِ فتنة القبر، وعذاب النَّار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه إنَّك أنت الغفور الرَّحيم.
** **
- إبراهيم بن عطاالله العطاالله