د. أحمد محمد القزعل
منذ اندلاع الثورة السورية اتخذت المملكة العربية السعودية موقفاً ثابتاً في مساندة الشعب السوري انطلاقاً من مبادئها الإنسانية والإسلامية، وتجسد دعم المملكة في أفعال ملموسة على أرض الواقع، حيث قدمت المملكة المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوري على مدى أكثر من أربعة عشر عاماً، وساهمت في تخفيف معاناة السوريين المتضررين من الحرب.
ولقد حرصت المملكة على تقديم الدعم الإنساني للسوريين في الداخل والخارج، فاستأجرت الأراضي في بعض الدول لإنشاء المخيمات، مما وفر مأوى لآلاف اللاجئين الذين اضطروا لمغادرة ديارهم بسبب الحرب وتوفير مأوى آمن لعشرات الآلاف من الأسر النازحة، كما قدمت المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية وضمنت وصولها إلى المستحقين سواء داخل سوريا أو في دول الجوار، وحرصت المملكة على تقديم الرعاية الصحية للسوريين من خلال إنشاء مستشفيات ميدانية في أماكن اللجوء، إلى جانب دعم المنشآت الطبية داخل سوريا لتوفير العلاج للمتضررين، ودعمت المملكة ووفرت البرامج التعليمية للأطفال السوريين الذين حُرموا من التعليم بسبب الحرب، وساهمت في بناء المدارس وتوفير المواد التعليمية للطلاب اللاجئين في دول الجوار، ولم يقتصر دور المملكة على تقديم الدعم المباشر فقط، بل عملت على حشد الجهود الإقليمية والدولية لضمان استمرار الدعم الإغاثي، وشاركت في مؤتمرات المانحين لدعم الشعب السوري.
ولقد امتد موقف المملكة إلى الساحة السياسية والدبلوماسية، حيث لعبت دوراً بارزاً في دعم القضية السورية في المحافل العربية والدولية، وسعت المملكة إلى تسليط الضوء على معاناة الشعب السوري، وحثت المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات جدية لإنهاء الأزمة السورية، كما دعمت المبادرات التي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في سوريا، انطلاقاً من موقفها الثابت الذي يقوم على ضرورة إنهاء معاناة الشعب السوري وضمان حقوقه المشروعة.
وبعد انتصار الثورة السورية، كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي باركت للشعب السوري هذا الانتصار، وأكدت دعمها المستمر لسوريا وشعبها في مرحلة إعادة الإعمار، ولم تتوقف المساعدات عند حد معين، بل قامت المملكة بتسيير الجسور الجوية والبرية لضمان وصول المساعدات إلى الشعب السوري، سواء من حيث الإغاثة العاجلة أو المساعدات طويلة الأمد التي تساعد في بناء مستقبل سوريا.
إن سياسة المملكة العربية السعودية تجاه سوريا لم تكن مبنية على المصالح الضيقة أو التوجهات السياسية المؤقتة، بل كانت نابعة من عمقها العربي والإسلامي، ومن إيمانها بوحدة الأمة الإسلامية وضرورة مساندة الشعوب المستضعفة، ولم تميز المملكة في دعمها بين طرف وآخر، بل كان موقفها ثابتاً في دعم الشعب السوري دون النظر إلى السلطة الحاكمة خلال سنوات الثورة.
إن التاريخ يشهد أن المملكة دائماً ما كانت سبّاقة في تقديم العون والمساندة للشعوب العربية التي تواجه المحن، ولقد أثبتت المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً، أنها تقف دائماً إلى جانب الشعوب العربية والإسلامية في أوقات المحن، وكانت سوريا مثالاً حياً على ذلك، فالشعب السعودي كان ولا يزال يرى في الشعب السوري أخاً له ويتمنى له التقدم والازدهار، بعيداً عن أي صراعات أو أزمات تؤثر على مستقبله، كذلك فإن الدعم السعودي للشعب السوري لم يكن مجرد مساعدة لحظية، بل كان التزاماً طويل الأمد يعكس قيم المملكة ومبادئها الإنسانية، واليوم ومع دخول سوريا مرحلة جديدة تواصل المملكة وقوفها إلى جانب الشعب السوري متمنية له التقدم والازدهار، ومؤكدة أن العلاقة بين الشعبين السعودي والسوري هي علاقة أخوية لا تتأثر بالظروف السياسية، بل تقوم على المحبة والمساندة الحقيقية للشعب السوري في كل خطوة نحو الاستقرار والتنمية وبناء الغد المشرق.