سلطان مصلح مسلط الحارثي
من خلال ردة الفعل الإعلامية والجماهيرية وتحديداً من قبل بعض المحسوبين على نادي الاتحاد، بعد انتصار فريقهم على الهلال الأسبوع الماضي، شعرت أن أصفر جدة قد حقق لقباً كبيراً بعد غياب طويل، فالفرحة العارمة التي تلت المباراة، واستمرت حتى يوم الأمس، كانت تشعر المتلقي أن هذا الفريق حقق لقباً جديداً، فمواقع التواصل الاجتماعي لم تهدأ منذ نهاية المباراة، وضج الاتحاديون، وكبَّروا وهلَّلوا، وأُضيفت لهم بطولة جديدة تحمل اسم (الفوز على الهلال)، خاصة أن أزرق العاصمة العالمي، لم يترك لفريق الاتحاد متنفساً خلال الموسم الماضي، فقد هزمه في ثماني مباريات متتالية، وأخرجه من بطولة العرب، ودوري آسيا، ودوري روشن، وكأس الملك، وكأس السوبر السعودي، فهل يُلام الاتحاديون بعد ذلك على فرحتهم العارمة، التي استمرت ثلاثة أيام متتالية، وكأنهم يعيشون فرحة عيد الفطر المبارك.
تخبيص جيسوس
منذ مباراة الهلال والعين في نخبة آسيا، والتي استطاع كسبها الهلال بنتيجة 5-4، ونحن نحذِّر عبر هذه الزاوية من تراجع أداء الهلال، وتذبذب مستوياته الفنية، وأخطاء دفاعه الكوارثية، وهذه الأخيرة سبق وأن كتبت عنها كثيراً منذ مباراة العين، وتحدثت عنها كثيراً، متأملاً في أن جيسوس يستطيع تصحيحها، إلا أن العجوز البرتغالي لم يلتفت لها حتى كبرت، وأصبح الجميع يتحدث عنها وينتقدها، بل وصل الأمر في الجمهور الهلالي بعد كثرة أخطاء الدفاع، أن يستهجن ويصفر في المدرجات الزرقاء على فريقه، ويحاول أن يقف ضد إشراك المدافع علي البليهي، الذي بلغ من سوء المستوى ما يمكن أن يضعه خارج نادي الهلال وليس خارج التشكيلة، وعلى الرغم من ذلك، يصر جيسوس على إشراكه، والدفاع عنه، وكأن الأمر أصبح (عناداً) من جيسوس، وتحدياً معلناً، وهذا الأمر جعل جيسوس (يخبص)، داخل وخارج الملعب، حتى بدأت (تناقضاته) تتضح وتكبر، ففي الوقت الذي كان يقول أخطاء الحكام شماعة الضعفاء، أصبح هذا الموسم ينتقد الحكام بحدة، حتى وصل به الأمر ليشرح على «لاب توب» أخطاء التحكيم أمام الإعلام، في وضع لا يُحسد عليه!
جيسوس الذي يُعد واحداً من أعظم مدربي كرة القدم، نجح خلال الموسم الماضي، وكسر جميع الأرقام، إلا أن عناده ومكابرته وإصراره على عدم تصحيح الأخطاء التي يقع فيها، جعلت منه مدرباً مختلفاً هذا الموسم، وكأنه ليس بذلك المدرب الذي حقق أرقاماً عالمية قياسية، وسيطر على بطولات الموسم الماضي!
أيضاً من تناقضات جيسوس، حديثه في بداية الموسم عن فترات الراحة ما بين المباريات، وأشار إلى أن هذا طبيعي، وكل فرق العالم مثل الهلال، ولكنه بعد خسارته من فريق الاتحاد مساء يوم السبت الماضي، وتوسيع الفارق النقطي بين الاتحاد المتصدر، والهلال الوصيف، ذهب ليتحجج بإرهاق الفريق، وأن منافسه مرتاح!
هكذا بدا لنا البرتغالي جيسوس، الذي صنع تاريخاً عظيماً مع الهلال، ولكنه بعناده وإصراره على الخطأ، والذي أفقد فريقه العديد من نقاط مباريات الدوري، وخروجه من كأس الملك، بدأت أسهمه تتراجع كثيراً، وبدأ يفقد الكثير من رصيد المحبة الذي حصل عليه خلال الموسم الماضي، كما فقد ثقة العديد من الجماهير الهلالية.
الهلال لم يكن سيئاً في مباراة الاتحاد، ولا حتى من مباراة القادسية، ولا حتى من بداية خسارته الأولى من الموسم الماضي أمام الخليج، إنما بوادر تراجع الفريق كانت من بداية بدايات الموسم، حيث كان الفريق متذبذب المستوى الفني، حتى وإن كان ينتصر، ولكن هذه الانتصارات كانت تغطي على عيوب فنية كثيرة، شرحناها هنا في مقالين سابقين حملا عنوانين مختلفين «من يوقف مهازل دفاعات الهلال، وكوارث الدفاع الهلالي تحتاج إلى وقفة» وشرحناها أكثر في مواقع التواصل الاجتماعي منذ البداية، وأوضحنا أن لاعبي الهلال ليسوا بكامل عافيتهم، فالكثير منهم تراجعت مستوياته، وعلى رأسهم الحارس بونو والمدافعان كوليبالي والبليهي، ونيفيز وسافيتش ومالكوم، وهذا ما لا يمكن فهمه أو معرفة أسبابه، فالقريبون وحدهم هم من يعرفون الأسباب ويملكون الحلول، ولكنهم ظلوا صامتين، حتى بدأت تكبر المشكلة، لدرجة الانفجار! وهنا تتشارك الإدارة الهلالية في تحمّل الخطأ الذي كان بالإمكان تداركه في البدايات، ولكنها أيضاً لم تتحرك، إلا بعد صافرات الاستهجان، لتخرج وتدين الجماهير، بينما كان الوضع الداخلي يحتاج لتدخلها، أكثر من التصاريح والبيانات الإعلامية! التي لا لم تبن يوماً مجداً للأندية، ولم يرتهن لها ناد إلا وسقط من عليائه.
أعود لجيسوس وتصرفاته التي توحي أنه ليس بجيسوس الموسم الماضي، رغم أنه يملك جميع أدوات التفوق، فلماذا أخفق في موسمه الثاني؟ سؤال يرادوني وأنا على قناعة تامة بأن جيسوس من أفضل مدربي العالم، إلا أن إصراره على الأخطاء، وعدم تصحيحها، يضع المتابع في حيرة من أمره، لذلك يجب على الإدارة الهلالية معرفة تفاصيل فريقها، ومواجهة مشاكله الداخلية، والسعي في حلها، وعدم رميها على «جهات خارجية»، فالفريق يوشك على الانهيار الفني، في واحد من أهم مواسمه، والتي بنهايته، سيشارك في كأس العالم للأندية برفقة أكبر أندية العالم وأقواها.
يبقى أن نقول: الفوز على فريق الخلود بخماسية مساء يوم الثلاثاء لا يعني تطور الفريق وتقدّمه، ولا يعني أن جيسوس والإدارة استطاعا تصحيح الأخطاء، فالهلال سبق وأن فاز على الفتح بتسعة أهداف، وبعد جولتين خسر من القادسية، وقبلها فاز على الاتفاق، وخسر من الخليج، ولذلك لا يعني الفوز على الخلود شيئاً، ما لم يعد الهلال لمستوياته المعروفة، ويستمر عليها عدة مباريات، ولكن الأكيد أن نتيجة مباراة الخلود، تمنح جيسوس ولاعبيه الثقة خاصة قبل مواجهة الأهلي الفريق الثقيل فنياً، وقبل بدء دور الـ16 من دوري نخبة آسيا.
تحت السطر
- جيسوس فقد توازنه الفني داخل الملعب وخارجه منذ فترة ليست بالقصيرة، وأصبح يتخبط، حتى وصل لمرحلة سيئة، أفقدت الهلال بريقه بشكل كبير.
- واحد من أهم أسباب تراجع مستوى علي البليهي وتشتته ذهنياً، إصرار جيسوس على مشاركته وهو بهذا الوضع السيئ، حتى وصل الأمر لتكون هنالك مواجهة مباشرة بين المدرج الهلالي وبين البليهي والمدرب!
- المدرج الهلالي تغيَّر، وتغيَّرت أدبياته، وأصبح فيه من يتصيَّد أخطاء الفريق حتى يكون صاحب (الترند) في مواقع التواصل الاجتماعي، و(يصارخ) في المدرج، وهذا أفقد بعض اللاعبين الثقة في أنفسهم، ليصبح بعض الجمهور مشاركاً في مشكلة الفريق.
- الهلال عليه عدة ملاحظات في عدة جوانب من ضمنها الأمور الفنية والطبية واللياقية.
- منذ أن خرج جيسوس خارج المستطيل بالحديث عن التحكيم وعن كثرة المباريات وعن الجماهير وهو يقود فريقه بشكل خاطئ.
- أبلغوا جيسوس أنه يدرب فريقاً كان بطلاً قبل قدومه ومعه، وسيكون بطلاً بعده، وأن التغنِّي بإنجازات الماضي واستعادتها والتذكير بها، لم يشفع لمن سبق جيسوس ولن يشفع لجيسوس.