أ.د.صالح معيض الغامدي
نكمل رحلتنا في الجزء الثاني من المقال مع سيرة عائشة المانع (حد الذاكرة)، وفي الفصل السادس « أمريكا.. وجه الحضارة الجديد» تسرد فيه الكاتبة تجربتها الدراسية والحياتية هناك، وهي تجربة تتسم بالجدية في الدراسة في جامعة يوجين بأوريغون، وتتحدث عن بعض مظاهر الصدمة الحضارية التي واجهتها وكيف تعاملت معها، وتحدثت في هذا الفصل كذلك عن المجتمع الأمريكي بوصفها متخصصة في علم الاجتماع وعن صديقاتها، كما أشارت إلى المعاناة التي مرت بها نتيجة لانقطاع بعثتها بسبب مواصلة الدراسة في مرحلة الماجستير دون أخذ إذن من الوزارة، وكيف أنها اضطرت إلى الاعتماد على نفسها لتوفير مصاريفها المعيشية، وذكرت بعض الأعمال التي كانت تقوم بها في السكن الجامعي إلى درجة أن بعض زملائها السعوديين كانوا يضحكون ويتهكمون عليها بقولهم : «بنت المانع تمسح الطاولات « (110). وفي عام 1972م حصلت على شهادة الماجستير، وكان موضوع اطروحتها مرتبطا بقياس درجة التدين وأثره على تعليم المرأة وعملها في المملكة. ويبدو أن هذا هو بداية التشكل العلمي النسوي للكاتبة.
أما الفصل السابع» العودة من أمريكا … وعمل المرأة» فيسرد معاناة الكاتبة في الحصول على عمل يناسب تخصصها، ومرورها برحلة بحث مضنية للحصول على عمل، وقد عزت الكاتبة ذلك إلى التشدد الديني لبعض المسؤولات والمسؤولين عن التعليم والبيروقراطية والروتين. وأخيرا عملت في النهاية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مشرفة على القسم النسائي، ورصدت كثيرا من الإشكالات التي واجهتها في عملها مما أدى إلى تركها العمل في الوزارة رغبة منها في مواصلة دراستها لدرجة الدكتوراه.
وفي الفصل الثامن « العودة إلى أمريكا» تسرد الكاتبة تجربتها في الدراسة في جامعة كولورادو ونيلها الدكتوراه في علم الاجتماع عام 1981م وعودتها للعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية، كما تسرد ما استطاعت فعله وما لم تستطع فعله فيما يتعلق بإصلاح بعض الأنظمة التي رأت أن من شأنها أن تمكن المرأة وتفتح أمامها مجالات واسعة.
ويتضمن الفصل التاسع» سرد عملها في مكتب الإشراف النسائي في وزارة الشؤون الاجتماعية، والإحباط الذي واجهته فقد كان « الارتجال سمة من سمات الإدارة في تلك الفترة من عمر العمل الوظيفي»(166). وقد توصلت الكاتبة في هذه المرحلة إلى نتيجة مفادها أن تغيير ظروف عمل المرأة لا يمكن أن يتم إلا «بالاستقلال الاقتصادي والإفلات من تبعية الرجل»، وهذا لا يعني بأي حال التقليل من أهمية الرجل بل التأكيد على أهمية حضور المرأة بوصفها ذاتا مستقلة، كاملة الأهلية … في ذات الحين الذي [ يكون[ للرجل فيه ، سواء أكان أبا أم أخا أم ابنا أم زميلا أم صديقا، كامل ما يستحق من تقدير ومكتنة» (170).
أما الفصل العاشر الذي جاء بعنوان « إلى الرياض نحو القطاع الخاص» فتسرد فيه الكاتبة تجربتها في قطاع العمل الخاص بعد أن قامت هي وتسع من صديقاتها بتأسيس شركة تجارية في الرياض ، سميت « الشركة الخليجية للإنماء» وقد كانت شركة طاقمها كله من النساء، وهي أول شركة نسائية على مستوى المملكة كما تقول الكاتبة.
وكان تأسيس هذه الشركة « بمنزلة نقمة ونعمة علينا في الآن ذاته»( 174). وعلى الرغم من تحقيق هذه الشركة بعض الإنجازات التي سردتها الكاتبة، إلا أن الشركة اضطرت في النهاية إلى أن تغلق أبوابها، نتيجة لعدة عوامل، لعل من أقواها كما تقول الكاتبة تأثير الفكر المتشدد على الشركة، و»رفض المجتمع المنغلق في مختلف محطات بناء الشركة» (174) . ومن اللافت في هذا الفصل أن الكاتبة بدت مستقلة في عملها في الشركة ولم تعتمد على مساعدة والدها كما كانت تفعل في المراحل الحياتية السابقة، تقول « اعتمدت على نفسي ولم أطلب أي مساعدة من والدي، الذي علمني …أن المرأة لها أحقية في استقلالها المالي والتجاري» (172). ويختتم هذا الفصل بالإشارة إلى رحيل والد الكاتبة عام 1987م، والتعبير عن مدى حجم الفقد والحزن الذي شعرت به « كان صديقي ورفيق همي وحلمي وملهمي، وحين يرحل كل هؤلاء ، فلك أن تتخيل حجم الفقد وألم الخسارة… (193).
أما الفصل الحادي عشر « السادس من نوفمبر وقيادة المرأة» فتسرد فيها الكاتبة قصة المسيرة التي قامت بها مجموعة من النساء وكانت هي واحدة منهن لقيادة سياراتهن في مدينة الرياض عام 1990م، وما جرى من أحداث قبلها وأثناءها وبعدها، كل هذا من منظور الكاتبة نفسها.
وفي الفصل الثاني عشر» سيدات الأعمال في المنطقة الشرقية» تسرد الكاتبة تجربتها في إنشاء منتدى سيدات الأعمال في المنطقة الشرقية وأهدافه ودوره في تمكين المرأة في مجالات اقتصادية واجتماعية متعددة في البلاد.
أما في الفصل الثالث عشر « تجربتي في شركة العائلة» فتسرد الكاتبة تجربتها في العمل في «شركة إبراهيم محمد المانع وإخوانه»، وتناقش فيه بعض القضايا المتعلقة بالإرث والإشكالات التي واجهتها هي شخصيا ، وتلك التي كانت تواجهها المرأة بشكل عام في المملكة آنذاك، وتذكر بعض الجهود التي قامت بها لتغيير ما امكنها تغييره في هذا المجال.
يتبع...