أجرى الحوار - عوض مانع القحطاني/ تصوير - عبدالله مسعود:
رحلتنا في هذا اللقاء مع فنانة تشكيلية في مجال الرسم على المنحوتات الطينية من الصخر، استطاعت أن تشق طريقها إلى النجاح، حيث نالت شهادة الماجستير ثم الدكتوراه.. عاشت في أمريكا ما يقارب 20 عاماً ثم عادت وجسدت هويتها في تأسيس متحف وطني تشارك به في العديد من المناسبات العالمية وداخل الوطن.
نالت العديد من الجوائز في المحافل الدولية.. د. عواطف بنت حمد القنيبط ضيفة هذا اللقاء تحدثنا عن مسيرتها فماذا قالت لنا:
* أين كانت النشأة.. ومراحل التعليم؟
- أنا من أهالي القصيم.. من أسرة تحب العلم والثقافة، درست وعشت في أمريكا ما يقارب 20 عاماً، ثم عدت إلى السعودية وأكملت تعليمي العالي حيث حصلت على الماجستير في الفنون الجميلة تخصص سراميك، ثم درجة الدكتوراه من كلية الآثار والسياحة في جامعة الملك سعود.
* كيف بدأت حياتك؟
- حياتي بدأت من شغفي بالرياضة والفنون منذ صغري، كنت محبة للتحدي والمثابرة، وكان لدي حلم أن أترك بصمتي في المجالات التي أحبها. بدأت استكمال نشاطي في مجال الرياضة، ثم توسعت في مختلف دراسات الفنون المتخصصة (مثل الآثار والخزف) وإنشاء جمعية متخصصة، مما فتح لي آفاقاً جديدة لتطوير مهاراتي والعيش بسلام داخلي، ولم أكن أتوقع أن تظهر أعمالي الموجودة في قبو منزلي إلى الخارج والمعارض في الداخل والخارج.
* ما هو أول عمل التحقت به عند عودتك من أمريكا؟
- التحقت بالعمل في جامعة الملك سعود في كلية الحاسب حتى تقاعدت للتفرغ للفن التشكيلي والرسم على المنحوتات، وأنا حالياً لدي متحف وطني كبير أشارك به في جميع المناسبات داخل المملكة وخارجها وقد نلت العديد من الجوائز.
* أنتِ عضوة في العديد من الجمعيات، وما هي مشاركاتك في الداخل والخارج؟
- أنا عضوة في مجلس الإدارة للجمعية السعودية للدراسات الأثرية في جامعة الملك سعود، وعضوة في جمعية التاريخ والآثار لدول مجلس التعاون، وعضوة في الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وعضوة في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (أجسفت)، وعضوة في متحف المرأة بأمريكا، وعضوة بالمعرض الدولي في كندا. كما أنا لي مشاركات في مجال التدريب الفني لطلاب المخيمات الصيفية بكلية الفنون في كندا، وقد أسست مجموعة الفن والتصميم في المملكة بالإضافة إلى أنني كنت رئيسة لجنة الأعمال اليدوية للفنون في النادي النسائي في واشنطن، وعضوة في بعض المراكز التطوعية للمسنين من ذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى السرطان وأصدقاء المرضى في مستشفى الملك خالد.
* ما هي المعارض التي شاركت فيها في الخارج والداخل؟
- شاركت في أسبوع المرأة العالمي في الأمم المتحدة، ويوم الكتاب العالمي في المكتبة المركزية للبنات في المدينة الجامعية للطالبات بجامعة الملك سعود، ثم تنظيم عدد من المعارض للفنانين السعوديين لبعض القطاعات الحكومية وللجامعات والمستشفيات، إقامة عدد من المعارض بمشاركة المتدربين في برنامج بارع في دورة كوريا في عدد من المناسبات المصاحبة لنشاطات هيئة السياحة والآثار «ألوان» السعودية وهيئة الترفيه. الاشتراك في برنامج «بارع» على حرفة الخزف والبورسلان من خلال تبادل الثقافات بين المملكة وكوريا، كما تم عمل عدد من المعارض للفنانين السعوديين بهدف دعم الفن والفنانين ونشر أعمالهم الفنية والابداعية في عدد من المستشفيات والجامعات والبنوك. كما أقمت عددا من المعارض الشخصية وورش العمل في العديد من الجامعات وعدد من الدول العربية والأجنبية وجلب بعض الأجانب أصحاب مهن الحرفية إلى المملكة.
* ما هي جهودك في مجال عملك؟
- قمت بعمل دراسة عن ثوب المرأة القصيمية، وكتب وهو إطلالة على المرأة النجدية وملابسها القديمة قبل نصف قرن، كما تم عرض خاص عن الأزياء تحت عنوان بردة اليوم.. والأمس في صالة جامعة الملك سعود.. كما تم مشاركة المرأة السعودية في العديد من المناسبات الخارجية للتعريف بدورها في خدمة المجتمع.
* هل قمت برحلات أثرية وثقافية حول المملكة؟
- نعم.. قمت بجولات أنا وعدد من الزميلات وجماعة الفن والتصميم من الأجانب والسعوديين المهتمين بالآثار إلى كل من العلا - جازان - فرسان - القصيم - حائل - أبها - نجران - الجوف - تيماء - جدة ومعالمها التاريخية - المدينة المنورة وزيارة الأحساء وزيارة المراكز الفنية المتخصصة.
* ترأست فريق بحث علمي أوروبي قام بزيارة المملكة لتوثيق الأكلات السعودية.. حديثينا عن ذلك؟
- هذا الفريق الأوروبي جاء إلى المملكة للتعرف على الأكلات السعودية بجميع أنواعها، وقد كلفت برئاسة هذا الوفد ورصدنا جميع الأكلات الشعبية في المملكة، وقد تم توثيقها في كتيب مع صور تراث كل منطقة، وقد خرج الوفد بانطباع هائل عن بساطة الناس وترحيبهم بالزائرين وكانوا مندهشين بما تحتويه المملكة من تعداد الأكلات فيها وبلذة الأكل السعودي، وقد تم رصد ما يقارب 10 أكلات رئيسية، وقد حاز هذا الكتاب على أفضل كتاب حول العالم.
* هل أجريت دراسة عن أفضل الطين في المملكة لهذه الأعمال؟
- نعم أجريت دراسة مسحية عن أفضل وأجود «الأطيان» في المملكة في كل من المنطقة الوسطى ونجران والأحساء والمنطقة الغربية، ووجدنا أنها ذات جودة عالية لعمل هذه المنحوتات.
* رؤية المملكة 2030 أثرها على الأجيال القادمة والنقلة الحضارية.. كيف ترينها؟
- رؤية المملكة 2030 تمثل نقلة نوعية في استراتيجية التنمية الشاملة، حيث تركز على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، مما سيؤثر بشكل إيجابي على الأجيال القادمة. التحولات التي تركز على التعليم التقنية، والابتكار ستمكن الأجيال القادمة من التفاعل مع الاقتصاد العالمي بشكل أكثر فاعلية، كما أن المشاريع الكبرى مثل «نيوم» و»القدية» ستوفر فرص عمل وتعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي للتطور التكنولوجي والثقافي.
* كيف ترين مكانة المملكة الاقتصادية في المناخ الإقليمي المليء بالاضطرابات؟
- المملكة اليوم تملك اقتصاداً قوياً ونموذجاً مستداماً على الرغم من التحديات الإقليمية والعالمية استراتيجياتها في تنويع مصادر الدخل من خلال رؤية 2030، بما في ذلك الاستثمار في القطاعات غير النفطية مثل السياحة والتكنولوجيا، تجعلها في موقع قوي مقارنة بالعديد من الدول التي تعاني من الاضطرابات السياسية والاقتصادية. الاستقرار السياسي والأمني في المملكة يُعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تعزز من قوتها الاقتصادية.
* كيف ترين مستقبل السياحة في المملكة؟
- السياحة في المملكة شهدت تحولاً كبيراً، حيث أصبح هناك توجه جاد نحو تطوير مشاريع سياحية ضخمة مثل البحر الأحمر ومنطقة نيوم، والتي تهدف إلى جذب السياح من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى ذلك، تشهد المملكة زيادة في تطوير الوجهات السياحية الداخلية التي تلبي احتياجات المواطنين والمقيمين. هذه المشاريع ستساهم في خلق فرص عمل وتعزز من مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية.
* رفع السن التقاعدي.. رأيك حول هذه الخطوة.. هل تؤيدينها؟
- رفع السن التقاعدي في المملكة يمكن أن يكون خطوة إيجابية في حال تم ضمان أن الأفراد الذين بلغوا هذا العمر قادرون على الاستمرار في الإنتاج. هذا التوجه يعكس تغيرا في مفاهيم التقاعد، حيث لم يعد ينظر إليه على أنه نهاية لحياة الإنسان المهنية بل يمكن أن يكون فرصة للاستفادة من الخبرات والتجارب السابقة في خدمة المجتمع.
* ما هو برنامجك اليومي؟
- برنامج يومي يختلف حسب المهام التي لدي، لكنني أحرص على تخصيص وقت للرياضة، لأنني أؤمن أن الجسم السليم في العقل السليم. كما أنني أتابع كل جديد في مجال الفنون وأخصص وقتاً للعمل على مشاريعي الخاصة سواء في الفنون أو تنظيم المعارض.
* كيف وجدت التقاعد؟
- التقاعد كان بمثابة فرصة جديدة للانطلاق في مجالات أخرى، حيث أتاح لي الوقت لمتابعة شغفي، سواء في الرياضة أو الفن. لم أشعر أنه كان نهاية مرحلة، بل بداية لعصر جديد مليء بالإبداع والتحديات الجديدة.
* أين تكمن المتعة بعد التقاعد؟
- المتعة تكمن في الاستمتاع بالحياة من زاوية مختلفة أصبحت أكثر حرية في تخصيص وقتي للأشياء التي أحبها مثل الفن، والمعارض والمشاركة في النشاطات الاجتماعية. كما أنني استمتع بمشاركة تجربتي مع الآخرين وخاصة الأجيال الشابة.
* كيف يتكيف بعضهم مع التقاعد وهناك من لا يتكيف؟ ما هي الأسباب؟
- التكيف مع التقاعد يعتمد على الشخص نفسه، بعضهم يجد صعوبة لأنه لم يعتد على تغيير نمط حياته أو أنه لم يجد بديلاً حيوياً للانشغال. أما بالنسبة لي، فقد كان التقاعد فرصة للتركيز على ما أحب، وكنت قد أعددت نفسي لذلك بالتخطيط المسبق.
* هل وضعت برنامجا لزيارة مدن المملكة والمعالم السياحية والأثرية؟
- نعم، أحد أهدافي بعد التقاعد هو استكشاف معالم المملكة السياحية والأثرية.
المملكة مليئة بالمناطق الجميلة التي تستحق الزيارة والتعرف عليها بشكل أعمق، وقد بدأت بالفعل في زيارة بعض هذه الأماكن.
* كيف نظرتك بعد أن أنهيت هذه الخدمة في عملك في إضافة شيء لعملك السابق؟
- بعد التقاعد، أدركت أن لدي العديد من الفرص لإضافة قيمة لما سبق من خلال الجمعيات التي عملت فيها والأنشطة الفنية التي شاركت فيها، أصبحت أركز على كيفية استثمار الخبرات السابقة في المشاريع التي أقوم بها حالياً.
* هل أنت مع الاستفادة من خبرات المتقاعدين خاصة ممن لديهم خبرات وحصيلة علمية؟
- بالطبع، أرى أن الاستفادة من خبرات المتقاعدين أمر بالغ الأهمية. المتقاعدون يمتلكون ثروة من الخبرات التي يمكن أن تساهم في تحسين العمل والمجتمع إذا تم الاستفادة منها بشكل جيد.
* هل استفدت من الخدمات التي تقدمها الدولة للمتقاعدين بعد تقاعدهم من خدمة الوطن؟
- نعم، استفدت من بعض الخدمات التي تقدمها الدولة للمتقاعدين، مثل البرامج الاجتماعية والصحية التي تساعد على تحقيق التوازن والاستقرار بعد التقاعد. ولكن هناك دائما مجال للتحسين وتقديم المزيد من الدعم.
* ماذا تتمنين من الجهات المسؤولة عن المتقاعدين؟
- أتمنى من الجهات المسؤولة أن توفر مزيداً من البرامج التي تساعد المتقاعدين على الاستفادة من خبراتهم، سواء من خلال ورش العمل أو فرص المشاركة المجتمعية. كذلك، يمكن توفير مزيد من الدعم في مجالات الترفيه والرياضة.
* هل ترين أهمية وجود خدمات ترفيهية ورياضية داخل الأحياء السكنية؟
- نعم، أؤيد بشدة وجود خدمات ترفيهية ورياضية داخل الأحياء السكنية، هذه الخدمات لا تساهم فقط في تحسين جودة الحياة، بل تساعد أيضاً في خلق بيئة صحية وتفاعلية بين أفراد المجتمع.
* ما هو القرار الصعب الذي اتخذته عندما كنت على رأس العمل وندمت عليه؟
- أعتقد أن أحد أصعب القرارات التي اتخذتها في العمل كان تحديد الأولويات بين العائلة والعمل، حيث كان من الصعب أحياناً التوازن بين المسؤوليات المهنية والشخصية.
* ما هو القرار الذي تمنيت أنك اتخذته قبل التقاعد؟
- تمنيت لو أنني قد اتخذت قرارات أكثر جرأة في بداية مسيرتي المهنية، مثل الاستثمار بشكل أكبر في المشاريع الشخصية منذ وقت مبكر.
* ما هو القرار الذي تمنيت أنك طورته وعملت عليه قبل التقاعد؟
- تمنيت أنني قد عملت بشكل أكبر على تطوير مهاراتي في المجال الرقمي والفني، ليكون لدي قدرة على مواكبة التغيرات بشكل أسرع في مجالات الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية.
* ما هو العمل الذي تعتزين به وتفتخرين أنك أنجزته؟
- أعتز كثيراً بمشاركتي في تطوير الأنشطة الرياضية والفنية في المجتمع والجمعيات التي عملت بها، كما أنني فخورة بكتابة كتاب الطهى الشعبي (مذاق من التراث) ومجلت الأزياء التراثية الذي أتمنى أن تساعد في نشر الثقافة المحلية.
* ماذا أعطاك الوطن.. وماذا أعطيت للوطن؟
- الوطن منحني الكثير من الفرص للتعلم والتطور، وأعطاني الدعم لتحقيق طموحاتي في مجالات متعددة من جانبي، قدمت للوطن جزءاً من شغفي وعرفاني، سواء من خلال عمل الجمعيات أو من خلال تشجيع الشباب على الرياضة والفن.