عبدالكريم بن دهام الدهام
يحتفل السعوديون بيوم التأسيس في الثاني والعشرين من فبراير من كل عام إعلاماً عن مرور أكثر من ثلاثة قرون على إعلان تأسيس وطننا، «المملكة العربية السعودية».
ويعتبر هذا اليوم هو أهم محطة تاريخية بالنسبة لوطننا والمجتمع لأنه يشكّل مستهل انطلاقة نهضة المملكة التي تكاتفت وحققت حلم الوحدة، ثم سعى مؤسسوها آباؤنا الأوائل على النهوض بها. وفي كل عام تعمّ الفرحة والبهجة كل أرجاء الوطن احتفالاً بالتأسيس الذي ضمهم ومنحهم حياة كريمة.
ولا شك بأن الاحتفال بتلك الذكرى العظيمة يجسد روح الوحدة والتكاتف بين أبناء المملكة الذين هم جزء لا يتجزأ من نسيج عملية البناء التي بدأت قبل أكثر من ثلاثة قرون ولا تزال مستمرة من أجل الوصول إلى وطن نموذجي متطور مشاريعه مستدامة وتحقق الطموحات، ليس على مستوى السعوديين فقط، إنما على مستوى المستثمرين والمقيمين في المملكة العربية السعودية.
وربما لا يعرف أبناؤنا من الأطفال واليافعين والشباب الطريق الصعب الذي سلكه الآباء المؤسسون ومن عاصروهم من أبناء المملكة الذين كانت لهم بصمة فاعلة في إعلان تأسيس المملكة.
فقد واجهوا كلهم صعوبات وتحديات كبيرة في مستهل المسيرة، غير أن الحكمة كانت هي المسيطرة على الموقف، وبالتالي تم تسهيل العقبات التي كانت تظهر خلال تلك الحقبة الزمنية التي تعتبر من أعتى الفترات لكونها مرحلة تأسيس، وكانت تتطلب العديد من الجهود وتوظيف الكفاءات والخبرات التي تيسر عملية بناء المملكة حديثة العهد وقتئذ.
إن تكريس الوعي بأهمية التأسيس عند أبناء جيل اليوم بالتحديد مسألة مهمة جداً، وذلك لكونهم لم يعرفوا عن تأسيس وطنهم إلا ما سمعوا عنه وربما ما قرأوه. ومن هنا لا بد من تعزيز معلوماتهم بالمبادئ والقيم التي التزم بها قادة مراحل التأسيس ابتداء من الإمام محمد بن سعود والإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراهم - والجهود التي بذلوها في سبيل بنائها كوطن مستقل له كيانه ودستوره.
ومن باب إنعاش الذاكرة، ربما من المفيد أن نعود إلى يناير 2022م حين وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - باعتماد يوم الثاني والعشرين من فبراير «يوم التأسيس»، والاحتفال كل عام بهذا اليوم الذي يوافق منتصف عام 1139هـ الموافق لشهر فبراير من عام 1727م، الذي يعتبر هو بدء عهد الإمام محمد بن سعود وتأسيسه للدولة السعودية الأولى.
إن توعية وتثبيت معرفة السعوديين، وعلى الوجه الأخص الجيل الجديد، بأهمية ذاك التأسيس التاريخي مسألة مهمة للغاية. ففي ذلك اليوم يمكننا اعتبار أن المملكة بدأت تخط تفاصيل متعددة لمستقبلها كدولة ذات كيان معترف به على المستوى العالمي. ومن هنا يمكن اعتبار 22 فبراير 1727م منعطفاً تاريخياً وبؤرة ارتكاز رئيسية في بناء الدولة التي تم الإعلان عنها رسمياً، وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
واليوم إذ تحتفل المملكة حكومة وشعباً بيوم التأسيس فإنها ترسخ صورة الوطن المتميز والناجح، وتبرز المنزلة التي صعدت إليها من جهة كونها أصبحت منارة للأمن والازدهار ومثالاً لا يدانى للدولة المتقدمة، ليس فحسب بالمشاريع التي تحققت، إنما أيضاً بما ابتكرته من أنظمة بما يتعلق بالعدل والمساواة بين العموم وفق منظومة المبادئ التي مكّنتها، وحرصت على زرعها في نفوس أبناء المملكة.
فالوزارات والهيئات الحكومية تقدم جهوداً عظيمة لتثبيت رفاهية المجتمع وإسعاد عناصره كأفراد أو مجتمع لتكون المملكة بحق وطن البهجة والسعادة للجميع. وما الأعمال التي يتم إنجازها والأهداف التي يتم تحقيقها تباعاً في كل الميادين والمجالات إلا تأكيداً منها على ذلك.
إن ما تحقق في وطننا الكبير «المملكة العربية السعودية» حتى يومنا هذا يؤكد على أن قيادتها الرشيدة في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهما الله - ملتزمة بمسار التنمية والبناء والتطور والتقدم، ومشغولة بإحراز الكثير من المنجزات التي تضعها في منزلة متقدمة بين دول العالم.