سطام بن عبدالله آل سعد
قبل أن تُرفع راية الاستسلام، وقبل أن تنتهي الجولة الثالثة والعشرون من الدوري، يسقط الهلال. لم يكن سقوطًا عاديًا، بل كان مشهدًا مأساوياً لجيشٍ تفككت صفوفه، حيث تخلى الجنود عن مواقعهم، وتاه الفرسان، وضاعت الهيبة في ساحة أرينا. الهلال الذي اعتاد أن يكون اللاعب الذي يحاصر خصومه، أصبح الآن هو المُحاصر، يترنح تحت ضربات الخصوم، وكأنهم وجدوا ثغرة قاتلة في دفاعات القلعة الزرقاء.
من الهيمنة إلى الانهيار
ثمانية أهداف في ثلاث مباريات! أرقامٌ لا يمكن أن تمر مرور الكرام، بل هي صفعة مدوية لكل من ظن أن الهلال محصّن ضد السقوط. أمام الاتحاد تلقى الرباعية، ثم استقبل هدفًا من الخلود، قبل أن تأتي الثلاثية من الأهلي. وبين هذه المباريات، كان الدفاع أشبه بأسوار مهجورة، مشرعة لكل من أراد اقتحامها. منظومة دفاعية تعاني من انعدام التفاهم، وقلوب دفاع بلا روح، وهجمات الخصوم تمر كما يشاءون وكأنهم يسيرون في ممرٍ آمنٍ نحو مرمى الهلال. لم يكن الأمر مجرد سوء حظ أو يوماً سيئاً، بل هو انهيار إستراتيجي في خطوط الفريق، جعل حتى المهاجم المتواضع (توني) يبدو وكأنه أسطورة تهديفية أمام أعيننا!
متروفيتش.. الرمح المكسور
في عالم الحروب، حين تفقد الجيوش قائدها الميداني، تنهار الجبهة بأكملها. وهذا ما حدث حين غاب متروفيتش. كان متروفيتش أكثر من مجرد مهاجم، كان ركيزة للهلال، القائد الذي يحدد مسار الهجوم، الذي يعرف متى يتحرك، وكيف يُنهي الكرة في الشباك. لكن الهلال لم يكتفِ بفقدانه، بل ارتكب خطيئة كبرى حين لم يُحضر مهاجمًا بنفس الثقل، تاركًا خط الهجوم بلا أنياب، يحاولون التهديف بأسلحة فارغة. فاللاعبون البدلاء؟ مجرد أسماء لا يستطيعون ملء الفراغ القاتل الذي تركه متروفيتش. لم يعد هناك من يُنهي الكرات العرضية ويُحطِّم دفاعات الخصوم، فأصبح الهلال كالجيش الذي فقد سلاحه الأكثر فتكاً.
فريق منهك في معركة مستمرة
الهلاليون يواجهون الحقيقة المرة؛ ففريقهم مستنزف، ويعاني من إرهاقٍ بدنيٍ واضح، وغير قادر على مواصلة القتال في جميع الجبهات. لاعبون تتساقط قواهم في اللحظات الحاسمة، مجاراة الخصوم أصبحت صعبة، والنتائج بدأت تعكس هذا الضعف. هنا يظهر الخطأ القاتل في عدم تدوير التشكيلة وإراحة بعض الأسماء الأساسية قبل المعارك الأهم. لا يمكن للهلال أن يواصل هذا النزيف وهو يستعد لبطولات كبرى مثل دوري أبطل آسيا للنخبة وكأس العالم للأندية. لا بد من قرارات حاسمة، وتغييرات جوهرية، وإعادة ترتيب الأوراق قبل أن يتحول الإرهاق إلى انهيار شامل.
والحل
الهلال بات في وضع الفريق المحاصر، كل حركة قد تكون الأخيرة. السؤال الآن: هل سيقبل الهلال بأن يُسقطه الخصوم، أم أنه سيجد طريقًا للخروج من هذا الحصار؟ الحل يبدأ بإصلاح الدفاع، وإعادة التنظيم، وتعريف الأدوار داخل الملعب من جديد، والتعاقد مع مهاجم عالمي يملأ الفراغ القاتل الذي تركه متروفيتش.
الهلال ليس مجرد فريق، هو مؤسسة كروية صنعت مجدها عبر الهيمنة، لا عبر الانكسار. فإما أن يعود ليصبح ذلك الفريق الذي يفرض سيطرته على الدوري، أو أن يقبل بمصيره كفريق مُحاصر ينتظر السقوط الأخير!