تصوير - التهامي عبدالرحيم:
مـدخـل
في موقف السيارات بجامعة جنوب فلوريدا - فرع سانت بيترسبرغ St. Petersburg Campus - University of South Florida رأيتُه من مسافة قريبة، وكنت ملتحقًا حينها ببرنامج تخصصيٍ مكثفٍ عن القيادة الإدارية، وبصحبته صديق له كما يبدو، لم أسعَ للسلام عليه فلن يعرفَني، ولستُ ممن يجتذبُهم النجومُ لأعرّف بنفسي، ولكنَّ صورته بقيت في ذهني مرتبطة بتفوق الجزيرة، إذ كنتُ من قرّائها وقت إدارة الأستاذ خالد بن حمد المالك في فترته الأولى، حتى إنني - وقت ابتعاثي وطلب الملحقية الثقافية تحديدَ صحيفة واحدة ليشتركوا لي فيها - اخترتُ الجزيرة، وكأنّ الزمنَ يقودُ محبَّها نحو منبرها فلا تكفيه خِطبتُها عن بُعد بل، الحياة معها عن قرب.
ربما كان الأستاذ خالد بن حمد المالك يتلقى دورة في اللغة الإنجليزية آنذاك، ولا يقين لديّ، لكنَّ ذلك اللقاء الصامت من جانبي تكرر مرة أخرى بلقاءٍ ثانٍ حين قدّمتُ حفلَ مؤسسة الجزيرة في افتتاح مبناها الحالي بحي الصحافة عام 1997م، ولكنه كان لقاء ناطقًا هذه المرة، وأمام حفل مشهود برعاية الملك سلمان وقت إمارته الرياض، وحضور سَراة القوم ونخبه المثقفة وأعضاء الجمعية العمومية، ورغم ما تردد من أن الأستاذ المالك مبعدٌ من الجزيرة إثر تداعيات قصيدة (رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة) ولا يُفضَّلُ الحديثُ عنه - كما زعموا - فقد قدّمتُه ضمن المكرَّمين مشيدًا بمآثره في الصحافة السعودية، ومن الغد هاتفني الصديق الأستاذ حمد القاضي ليبلغَني تحياتِ أبي بشار ويطلبَ صورةً مما قلتُه عنه، ويشاء الله - بعد هذا الحفل بأكثر من عشرين عامًا - أن يزودَني الأستاذ خالد نفسُه بتسجيل مرئي كامل للحفل مع وضع نسخة منه عبر اليوتيوب، ومن المفارقات كذلك أن يعود أبو بشار لرئاسة تحرير الجزيرة فترةً ثانيةً بعد هذا الحفل بعامين (1999م)، وكنتُ قد عزمتُ على مغادرة الجزيرة ، ووثقتُ هذا في كتابي: (سفر في منفى الشمس) الصادر عام 1996م، ورُفض طلبي بمحبة، وحين عاد الأستاذ المالك لكرسي الرئاسة لم أجدْ من المروءة أن أُقابله باستقالة؛ فلعله يُجددُ الجهاز التحريري فأغادر بانسحابٍ ميسرٍ كما أشاؤُه، وهو ما لم يحصل، وعلى نقيض هذا وجدتُني - بعد أسابيع من عودته وملاحظة أنه لم يستبدلْ أحدًا أو يستغنِ عن آخرين - أقدّم له مقترحًا لتقديم صفحتين أسبوعيتين تحت عنوان (واجهة ومواجهة) - صدرت عام 2024م في كتاب ذي جزأين بتقديم الأستاذ خالد -، ولم تكد تنتهي المواجهات بعد ثلاثة أعوام (2003م) حتى صدرت «المجلة الثقافية» باقتراحه وتوجيهه، ومكثتُ مسؤولًا عنها ضمن مهامي مديرًا لتحرير الجزيرة للشؤون الثقافية طيلة تسعة عشر عامًا إثر إصدار 721 عددًا اكتملت في 21-22 رمضان 1443 الموافق 22-23 أبريل - نيسان 2022م، وبها قضيتُ ثمانية وثلاثين عامًا في العمل الصحفي المقروء؛ كلُّها في المعشوقة الجزيرة، ومعظمها مع أبي بشار، وقبل مغادرتي كتبتُ (إمضاءً) عن أستاذنا خالد بعنوان: (رئيس التحرير الأخير) - 21 مايو 2021م - وكنتُ قد حصلت على وعدٍ منه بأنّ ذلك العام هو عامي الأخير في الجزيرة فانتفت شبهة المجاملة أو المصلحة، والمقال منشور في كتابي: (فوق الصورة ودون الصور) الصادر عام 2022م؛ كما نشرت في 9 أكتوبر 2022م مقالاً مطولاً عنوانه: خالد المالك: حكايات معه، وفي رواية: لماذا نحبه؟ فلن أعيد ما ورد فيهما، وبالرغم من مرور ثلاثة أعوام على وداعي العمل الصحفي فلم أنقطع عن المالك أستاذًا وصديقًا وعن الجزيرة محبًا ومؤْثرًا.
المالك مكوناتٌ وحكايات
أولًا: على خطى بيتر دركر
لا جديد لو اقتصرتْ ورقتي على الحديث عن الأستاذ خالد المالك في جانبه الإعلامي؛ فتعريف المعرّفِ لا يُضيءُ ولا يُضيف، وسيرته ممدودةٌ ومشهودة، وسوف أتخطى كذلك المكوناتِ البيئيةَ والأُسْرية والشخصية والمعرفية التي أسهمت في بناء هذا العلم المتجذر في تربةٍ واعيةٍ وتربيةٍ راقيةٍ والمنحدر من تأصيل عائلي تكفي منه استعادةُ مكانة والده الشيخ حمد بن منصور المالك رحمه الله (1312 - 1412هـ) الذي رسم بوجاهته معلمًا للإيثار والتميز في محافظة الرس وفي منطقة القصيم وعبر الوطن، وحين ألّف الشيخ عبدالله بن إدريس كتابه (شعراء نجد المعاصرون) اختار من بين عشرين شاعرًا شاعرين من مدينة الرس بما يشير إلى مكانة هذه المدينة ثقافيًا، ولذا سأوجه حديثي عن الأستاذ المالك نحو الجانب الإداريِّ، كما عايشته من خلال العمل قريبًا منه ربع قرن، وأستعيد هنا مفكرَ الإدارة الأشهرَ عالميًا، وهو النمساوي الأميركي الذي يطلق عليه الأب الروحي للإدارة الدكتور بيتر دركر Peter Drucker 1909- 2005م - وأعدُّني أحدَ من وعى نظرياتِه وبحوثَه الإدارية وكتبتُ عنه وعنها - فقد وجدتُ أن في منهج دركر - المؤتلف بين الحداثي وما بعد الحداثيِّ (وهو أول من كتب عن نظرية ما بعد الحداثة الإدارية) - والمختلف عن نظرية الإدارة العلمية التي تسمّى: نظرية الآلة للمهندس الأميركي فردريك تايلور Fredrick Taylor 1856 -1915م وهي نتاج المدرسة التقليدية، والمتماهي مع نظريات أخرى مثل: مدرسة العلاقات الإنسانية (إلتون مايو)، والمدرسة السلوكية (إبراهام ماسلو)، والمدرسة اليابانية (وليام أوشي) نظرية Z، ونظريتي X-Y - ما يستحقُ المقاربة أو المقارنة انطلاقًا من منهج عملي أخذ ببعضه الأستاذ المالك ربما من غير أن يدرسه كما في عناوين دركر العريضة وأبرزها: التخلص من البيروقراطية، والتكيف مع التغيير، وإدارة الإنسان، وبناء المجتمع المعرفيّ، وقد ترجم معهد الإدارة كتابه : تحديات الإدارة في القرن الواحد والعشرين، وسوف أوجزُ شيئًا من ملامح النظرية «الدركرية» والتطبيق «المالكي»:
1 - العمليات الخمس
يلتزم الإداريون المتميزون بعمليات: (التخطيط والتنظيم والتوظيف والقيادة والرقابة) كما جلا نظريتَها «دركر» وصارت مبدأً معتمدًا في معظم المنظمات، والفارقُ متكئٌ على جودة تطبيقها، وكان المالك فارسًا في استثمارِ إمكاناته الإدارية واعتمادِ هذه المبادئ في العمل المؤسسي داخل الجزيرة ومتابعةِ تنفيذها من قبل قياديي المؤسسة وفروعها.
2 - نظرية الإدارة بالأهداف MBO
وقد نادى بها بيتر دركرعام 1954م وتعتمد على وضع أهداف معينة يتفق عليها الرئيس ومرؤوسوه وتُحقّقُ خلال فترة زمنية محددة، وعناصرها: الثقة والمشاركة والالتزام وضبط الجودة وعمل الفريق وتقويم الأداء؛ فالأهم فيها هو الإنجاز كمًا وكيفًا، وقد استطاع المالك تعزيزَ مكانة الجزيرة، واستكتاب الأسماءِ المتميزة، واستقطابَ الكفاءاتِ المتمكنة، وزيادة الاشتراكات والإعلانات، ومضاعفة أرقام التوزيع، وتحقيق أرباح جيدة، ولن تخرج أهدافُ أي قائد إداريٍ صحفيٍ عن مثلها.
3 - عدم المركزية
نجح المالك في قيادة مجموعة متجانسة متآلفة لتحقيق أهداف المؤسسة دون مركزية مغرقة في التفاصيل تئد مشروعات النجاح وتحبط رغبة الإطلاق والانطلاق، ولا أذكر أنه تدخل في عملي مديرًا للتحرير الثقافي، وحين يجد ملاحظة فإنه يبعثها بصورة شخصية مؤمنًا باقتران الصلاحية والتفويض مع المسؤولية، وحين يرد ما يوجبُ المساءلة أو الإيضاح فإنه يطلب مني الرد عليه ويرفقه بخطاب تعريفيٍ بأنه ردُّ المسؤول المعني في إطار صلاحياته.
4 - المسؤولية المجتمعية
والهدف منها اقترانُ أرباح المنظمة بخدمة المجتمع، وكذا صنع المالك حين أوجدَ الكراسي البحثية في ثلاث عشرة جامعة، وتبنّى بعض مطبوعاتها، ونشرَ كتبًا أخرى تعتني بقيادات الوطن وخططه التنموية والرموز الثقافية السعودية، ونظّم اجتماعاتٍ وورشَ عملٍ للكتّاب والمثقفين داخل وخارج الوطن محتملًا تكلفتَها العالية وعدمَ وجودِ مردود مادي لها، وأكثرَ من هذا فقد وقف إلى جانب بعض من مستهم الحاجة من كتاب ومثقفين أعرف بعضَهم ولن أعينَ أسماءَهم.
5 - التركيز على نقاط القوة
يؤكد بيتر دركر على استثمار الجهود في تعزيز نقاط القوة بدلًا من الانصراف الكامل لعلاج نقاط الضعف أملًا بشفائها، وهو ما صنعه المالك؛ فالعمل الصحفي لا يقفُ ولا ينتظر، ووضعُ المؤسسة عندما عاد المالك إليها لم يكن مرضيًا فتآزرت في ذهنه عمليتا سد الثغرات وتعزيز النجاحات متزامنتين، وبدا تأثير عودته منذ الأشهر الأولى.
6 - التخلص من ترهلات البناء المؤسسي
في رأي «دركر» أن مما يضرُّ المؤسساتِ الناجحةَ العنايةَ بما لا ينبغي الاهتمامُ به، وبالرغم من أن الأستاذ المالك هو من أسس (صحيفة المسائية) بإصرارٍ تجاوز به كثيرًا من العقبات النظامية والتحريرية والتقنية فإنه هو من كتب السطر الأخير فيها معلنًا وفاتها بعد عشرين عامًا من صدورها - وإن لم يشهد معظمها لبعده عن المؤسسة - موقنًا بعدم جدوى استمرارها، و كذا صنع في إيقاف مجلات الجزيرة العامة والمتخصصة التي صدرت على شكل ملاحق منفصلة عدا المجلة الثقافية إذ صارت عبئًا على المؤسسة دون عوائد مادية أو معنوية.
ثانيًا: حالاتٌ ومواقفُ إدارية
أثَّرَ منهجُ «بيتر دركر» وأثْرى إدارةَ الأعمال، ولا شك أن النظرية لا تقف وحدها دون أن يسندها التطبيق، ومن المهم التمثيلُ بنماذج مما اختطّه الأستاذ المالك ورأيته بنفسي وعن قرب، وسألخص جانبًا من ملامح منهج المالك العملي غير المكتوب بما يوثق مواصفات أبي بشار القيادية.
أ- الحزم في اتخاذ القرار ومتابعة تنفيذه
وظهر هذا في عدة قرارات منها: تحويلُ الجزيرة إلى إصدار يومي، وإصدارُ نسخة رديفة مسائية من الجزيرة وتطويرُها لتغدوَ صحيفة مستقلة ثم إقفالُها، وإيجادُ الكراسي الجامعية، ونشرُ أرقام التوزيع والمرتجع منها دون التفات إلى ما واجهه من اعتراضات أشبه بالعواصف، وإقفالُ مكاتب الصحيفة المتعثرة، والتنبيهُ المبكر لتراجع الصحافة الورقية، واتخاذ قرار استثمار مبنى المؤسسة غير عابئٍ بما حملته وسائط التواصل الرقمي من استغراب وصل حدّ الاستنكار.
ب- المرونة والنأي عن الشخصنة
لا يبني المالك قراراته على علاقته بالآخرين قربًا أو بعدًا، ويراعي أحوالَ المحررين والكُتّاب والموظفين، وشهدتُ استجابته لاستكتاب كاتبٍ بمكافأة مجزية، ثم شهدته وهو يدعوني إلى مكتبه ويقرأ عليَّ رسالة غاضبة من هذا الكاتب ملأى بانتقادات حادة تجاوزت حد اللياقة، وأكثر من هذا فلم يوقف النشر له وظلت زاويته متصدرةً في موقعها المعتاد ومكافأته منتظمة، وضعُفَ عطاءُ كاتبٍ آخر فوجّهه بلطف ولم يستغنِ عنه مراعيًا تأريخَه وحفظًا لمكانه ومكانته.
ج- فروسية التعامل
كنتُ عنده في مكتبه، وهو حديثُ عهدٍ برئاسته الثانية، وهاتفَه من لا أعرفه فأبدى له اعتذاره عن عدم إجازة مقاله الذي قصد به النيلَ من مسؤول مؤسسة منافِسة، وسمعتُه وهو يعدد مزاياه ومواقفَه ويؤكد استحالة الإساءة إليه من منبر الجزيرة، وحين أقفل الهاتف لم يقل لي شيئًا لكنني فهمتُ الحكاية من مجريات المحادثة فأكبرتُ موقفه.
د- أسلوب التخاطب
من قُدرت له معايشةُ مسؤولي التحرير الصحفي بمختلف مستوياتهم الإدارية فسوف يجد من بينهم من يحتدّ ومن يشتدّ ومن يغضبُ ومن يثورُ ومن يقللُ من قدرات محرريه ومن « يشطب» كتاباتِهم أو جزءًا منها دون إبداء أسباب، وشهدتُ الأستاذ المالك، وهو يتحدث بمهنيةٍ ووضوح، ويعرض ملاحظاته بإيجاز، ويرسم توجيهاته بشرحٍ هادئ، وحين تعبرُ مادةٌ لم يكن من حقها العبور فإنه يتصل بنفسه بالمسؤول المعنيّ ليوضّح وجهة نظره.
هـ- حقوق العاملين
ظل أبو بشار حريصًا على الحقوق الإدارية والمالية للعاملين معه، وكانت المكافآت والمرتبات تصل في وقتها، وحين شحت الموارد خاطب الكُتّاب برسائل لطيفة يشرح فيها المتغيرات ويعتذر عن إيقاف المكافآت، وقد سبق أن سألته عن موعد ترجله وفق الأوضاع الحالية للصِّحافة الورقية وعسرِ إصلاحها وعدم قدرتها على اجتذاب القارئ والمعلن فأبلغني أن بقاءه مرتهن بالوفاء بحقوق العاملين فلن يتركهم وحدهم، ولن يغادر المؤسسة حتى يضمن الوفاءَ بحقوق من أولوه ثقتهم.
و- الحكمة والتحكم
العمل الصحفي يحتاج إلى السرعة والمبادرة من غير تأخير أو تعجل، والأستاذ المالك يتفهمُ ظروف المادة التحريرية والمحررين فيتابع ويسائل ويقدّر ويعذر، ولم أر طيلة ثلاثة وعشرين عامًا من العمل معه داخل الوطن وخارجه وخلال اجتماعات ودونها أنْ انفعل أمام زميل أو تسرع بإجراء أو تعسف في قرار، وكثيرًا ما شهدته يُثني على ما يستحق ومن يستحق.
ز- المشاركة الشخصية
يحرص الأستاذ خالد على مشاركة زملائه مناسباتهم بنفسه فلا يتأخر عن دعوة ولا يعتذر عن مناسبة إلا لظرفٍ مانِع كأن يكون في رحلة عمل أو إجازة، بل إنه قد يسافر إلى مدينة بعيدة ليحضر مناسبة الزميل ويعود من يومه، كما يفرد لأخبارهم المفرحة والمحزنة ما يؤنسهم مثل ما يواسيهم.
ح- الإشراف المباشر
قد يتطلب العمل ما يستدعي أن يتولاه القياديُّ بنفسه فيبادر المالك إلى الإشراف عليه ولو تطلب سفرًا أو سهرًا، وأذكر أننا زرنا - بمبادرة ذاتية دون تكليف رسمي- بعض دور النشر اللبنانية في بيروت من أجل طباعة الكتب الذهبية، وسلسلة (من أعلام الثقافة السعودية) التي صدرت منها عشرة أجزاء، وأذكره - وكنتُ خارج الوطن- وقد حمل معه ملفًا ممتلئًا بأوراقٍ وقصاصاتٍ تفصّل شكوى رفعها أحدهم ضد محرر ثقافي، وطلب مني الإجابة عنها وإرجاعها إليه ليعود بها إلى الرياض.
الخاتمة
لم يكن المتنبي وحده من استقلَّ السواقيَ كي يبلغ البحر؛ فالأستاذ خالد المالك التحق بالدراسة العسكرية وغادرها، وعمل في وزارة التجارة وديوان المظالم ولم يجد بغيته فيهما فاستقال منهما، واتجه نحو عالم الحبر والورق والطباعة والنشر، وحين ابتعد غير مختار لمدة خمسة عشر عامًا لم ينأَ طويلًا؛ فأدار الشركة الوطنية للتوزيع ستة أعوام، ثم تسنّم كرسيّ صحيفته مرةً أخرى وما يزال؛ جديرًا بلقب عميد رؤساء التحرير في المملكة إن لم يكن في الوطن العربي وربما العالَم (38 عامًا حتى الآن 1972-1984/ 1999- 2025م)، ومن مضى به دربُه نحو احتراف العمل الصحفي يدرك أن يومًا فيها يعادل شهرًا في غيرها، وعامًا يوازي أعوامًا في سواها بما تفرضُه من قلق وترقب ومفاجآتٍ ويقظةٍ ومتابعةٍ وتغييرٍ وتطوير، وهنا تكتملُ المهنيةُ والمهارةُ والقيادةُ والإنجازُ لتوثقَ سيرةَ إنسانٍ قديرٍ جدير، وتكريمه بوصفه شخصيةً وطنيةً نابهة.
وأختم باستعادة عبارة كتبتُها عنه قبل أربعة أعوام (2021م): «لقد احتمل المالك عناءَ اليوم كي لا يكونَ رئيسَ التحرير الأخير».
- (يتبع)