خالد بن حمد المالك
لا يمكن الحديث عن القمة العربية الاستثنائية (قمة فلسطين) التي عُقدت بالقاهرة يوم الثلاثاء الماضي، دون ربط نجاحها، وما توصلت إليه من نتائج، بالمملكة، وبالأمير محمد بن سلمان شخصياً، الذي استشعر خطورة الوضع، ودعا قادة دول مجلس التعاون ومصر والأردن إلى الاجتماع بالرياض، لتداول الرأي فيما يخطط له من تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وامتداداً لمناقشة ما تمر به المنطقة من حروب وعدم استقرار، تمهيداً لتوحيد الموقف، والخروج بحلول تكون مقبولة من الدول الفاعلة والمؤثرة في إيقاف عدوان إسرائيل.
* *
وسمو ولي العهد وإن لم يحضر اجتماع القمة بإنابته وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان، إلا أنه كان مع الاجتماع بكل الاهتمام والمتابعة والحضور عن بعد، والتأييد الكامل لكل القرارات التي صدرت عن الاجتماع، بل إنه خلال رئاسته لجلسة مجلس الوزراء وقد تزامن موعدها مع عقد قمة فلسطين بالقاهرة، أكد المجلس دعمه الكامل لقرارات القمة العربية غير العادية، و رفض بشدة تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ودعا إلى إنهاء التداعيات الكارثية الناتجة عن الحرب، مع تشديد المجلس على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ونيل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
* *
وللمملكة مواقف تاريخية ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، لا تتبدل، ولا تقبل المساومة، ولا تخضع لأي مزايدات سياسية، وتتمثَّل في أنه لا يمكن تحقيق سلام عادل وشامل، أو إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون مسارٍ والتزام واضح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو موقف سبق للمملكة أن جددته في القمة العربية الإسلامية التي استضافتها في نوفمبر من العام الماضي 2024م، وقد خرجت قرارات عن ذلك المؤتمر بما ينسجم مع المواقف السعودية، وبالأخص ما جاء فيها من رفض لتهجير المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة، وضم الضفة الغربية لإسرائيل.
* *
وضمن الاهتمام السعودي بالقضية الفلسطينية، فقد أعلنت المملكة في ذلك الوقت مع شركائها في اللجنة العربية الإسلامية المشتركة، ومملكة النرويج، والاتحاد الأوروبي، إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، واستضافة المملكة لأول اجتماعاته في الرياض، بمشاركة نحو 90 دولة ومنظمة دولية، واعتبر هذا الاجتماع مؤشراً لإعادة المصداقية للعمل متعدد الأطراف، ودليلاً على الرغبة الصادقة في إحلال السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية، وهذا الاهتمام بالقضية الفلسطينية لم يصرف المملكة عن اهتمامها باعتداءات إسرائيل على لبنان وسوريا، ولا عن الوضع المتفجّر في السودان، فقد ساهمت ببذل جهودها لمعالجة الأزمة السودانية، ووقوفها إلى جانب لبنان وسوريا ودعمهما ليتجاوزا أزمتيهما، إثر الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليهما.
* *
إن قرارات القمة العربية غير العادية التي أيدتها المملكة بالكامل، تضع الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أمام مسؤولياتهم في منع إسرائيل من توسيع احتلالها لأراض ليست لها، وإجبارها على وقف إطلاق النار، وعدم تهجير المواطنين في قطاع غزة، والتوجه نحو خيار الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية حرة ومستقلة.