فاطمة آل عمرو
أن تبدو أصغر من عمرك الحقيقي بسنوات هو حلم يتمنى الكثيرون تحقيقه، لكن من يعيش هذا «الحلم» يكتشف أحيانًا أنه ليس بالسهولة التي يتخيلها الآخرون. أن تكون في الثلاثين وتبدو في العشرين، أو في الأربعين وتبدو في الثلاثين، قد يمنحك بعض الامتيازات، لكنه يضعك أيضًا في مواقف محرجة وأحيانًا مرهقة.
تصور أنك في مكان عملك، تعمل بجد، وقد وصلت إلى منصب قيادي، لكن زميلًا جديدًا يعاملك كمتدرب لأن مظهرك الشاب لا يعكس خبراتك. أو أن تدخل اجتماعًا مهمًا في العمل ليُفاجأ أحد الحاضرين بسؤالك: «ألا زلت في الجامعة؟». مثل هذه اللحظات قد تكون طريفة، لكنها في الوقت ذاته تتطلب منك مجهودًا إضافيًا لإثبات نفسك، وكأن المظهر لا يكفي ليروي قصتك.
حتى في الحياة اليومية، قد تواجه مواقف أخرى، مثل أن تتحدث مع شخص من نفس جيلك، فيظن أنك أصغر من ذلك بكثير بناءً على مظهرك، ليبدأ في توجيه نصائح لك أو يتعامل معك بأسلوب الوصي على الشاب الأصغر. في مثل هذه الحالات، قد تشعر أنك مضطر لإظهار نضجك بطريقة أكثر وضوحًا، وأنك قد خضت تجارب حياتية لا تعكسها فقط ملامحك.
موقف آخر قد يكون أكثر طرافة، هو عندما تجد نفسك في مجلس مع مجموعة من جيل التسعينات، وتبدأ بالحديث عن تجارب أو مواضيع قديمة لم يعايشوها هم، مثل أشياء من التسعينيات أو الألفينيات. يظنون أنك جزء من جيلهم، وعندما تكتشف أنهم لم يعيشوا تلك الفترة وتوضح لهم أنك عايشتها بالفعل، يكون رد فعلهم في الغالب مدهشًا. ربما يتساءلون باندهاش: «كيف عشت هذا وأنت في سننا؟» وكأنك شخص من عالم آخر!
وفي عمر الأربعينيات والخمسينيات، تتضاعف المواقف الطريفة. تخيل أنك في تجمع عائلي ويُخاطبك أحد المراهقين كأنك «واحد منهم»، فقط لتُفاجئه بأنك أكبر من والده سنًا!
لكن هل الأمر سلبي تمامًا؟ بالطبع لا. أن تبدو أصغر من عمرك يحمل معه شعورًا بالثقة والاعتزاز، خصوصًا مع الإطراءات التي تتلقاها باستمرار. ومع ذلك، فإن هذه النعمة قد تصبح عبئًا حين يربط الآخرون بين المظهر وقلة الخبرة أو بين الشباب الظاهري وعدم النضج.
في النهاية، يبقى المظهر مسألة شكلية لا تُلغي قيمة التجارب التي عاشها الإنسان. وبين الطرافة والإحراج، يحتاج من يتمتع بمظهر شاب إلى تذكير نفسه والآخرين أن العمر الحقيقي لا يُقاس بما نبدو عليه، بل بما نحمله من قصص وتجارب صنعتنا كما نحن.