أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
ومما فات المعاجم، وهو في مصادر أصيلة قديمة:
1/ المَغْيَظة: الغيظ والهمّ.
المَغْيَظة، مصدر ميميّ، من الغيظ، وردت في شعر لعبد الله بن سَلَمة الغامدي (المفضليات 104)، وهو قوله:
نَقَمْتُ الوِتْرَ منه فلم أُعَتِّمْ
إذا مَسَحَتْ بمَغْيَظَةٍ جَنُوبُ
ورواه ابن قتيبة (المعاني الكبير 2/ 1037) وقال في تفسيره: «أي انتصرتُ منه، لم أُعَتِّمْ: لم أحتبس، مغنظة غمّ» هكذا بالنون، وهو تصحيف مَغْيَظة، ثم قال: «غنظه الأمر إذا كَربه» وجاء في العين: «الغَنْظُ: الهم اللازم. تقول: إنه لمغنوظ أي: مهموم. وقد غنظه الأمر يغنظه»، وأما «المغيظة» بالياء فمن غاظ، وهو هكذا بالياء في رواية بيت الغامدي في المفضليات والمصادر التي جاءت بعده، ولم تذكر المعاجم المغيظة، في الرواية الصحيحة ولا المغنظة في الرواية المصحّفة، فلتسدرك المغيظة على المعاجم، وشاهدها صحيح.
2/ الفرس المَيُوح: الممتمائل
قال العجاج:
جِرْيةَ لا كابٍ ولا أنُوحِ
عافى الرَقاقِ مِنهب مَيوحٍ
قال الأصمعي (ديوان العجاج 152) «مَيُوح: يتثنّى ويتمايل، ويقال: فرس مَيّاح، إذا تثنّى في جَرْيِهِ». وقال ابن قتيبة (المعاني الكبير 1/ 22) «يقول إذا عدا في الرقاق فعدوه عاف لا يجتهد، منهب شديد المناهبة، كأنّه يناهب قومًا ويبادرهم، والمَيُوح الميّال في شقّيه، قال الأصمعي: وذاك أجود».
وقال في موضع آخر (المعاني الكبير 1/ 30): «المَيُوح والميّاح: الميّال في شقّيه، وذاك أجود له». وذكرتِ المعاجم (الميّاح) قال الأزهري في التهذيب (مادة ميح) «المُيُوحَةُ ضرْبٌ من المَشْي فِي رَهْوجة حَسَنة» الميوحة مصدر ماح، كماع مُيُوعة، ولم يذكروا المَيُوح، وهو صيغة مبالغة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فَعُول)، وهي سماعية، فلتستدرك.
3/ التَّظْلال:
قال دُكين بن رجاء الفًقيميّ (ت 105هـ):
قاظَ بقَيْدٍ مُقفلٍ وتطوالْ
في تَولجٍ مُمَرّدٍ وتَظلالِ
التَّظلال مصدر ظلّ، بمعنى الظلال، جاء على وزن (تَفعال) وهو يفيد مع المصدرية: التكثير، وقال العجّاج (ديوانه 154):
عَلّ الإلهَ الباعثَ الأثقالا
يُعْقِبُني من جَنّةٍ تظلالا
قال الأصمعي في شرحه (ديوان العجاج 105): «التَّظلال والتَّمشاء والتَّكرار، ما كان من هذا النحو مصدرًا فهو منصوب التاء، وما كان اسمًا فهو مكسور» قلت: ولم تذكر المعاجم التَّظلال، وهذان شاهدان قديمان له، فليستدرك.