د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
من الأحاديث المحفزة أن مكتب التربية العربي لدول الخليج جمع الهيئات والمنظمات المختصة بتربية الموهوبين في الملتقى الخليجي للموهبة والإبداع 2025م، الذي نظمه المكتب في الثالث من مارس الجاري بالشراكة مع موهبة تحت عنوان: تنمية المواهب في الطفولة المبكرة في دول الخليج العربية (الواقع والتحديات وآفاق المستقبل).
بحضور ممثلي وزارات التربية والتعليم في الدول الأعضاء بالمكتب، وإننا إذ نبارك تلك الجهود المميزة بإذن الله خاصة أنها توجهت نحو فئة الطفولة المبكرة وهذا الحراك التربوي الحضاري يجعلنا نطرح بعض الرؤى العامة حول رعاية الموهوبين لأن رعاية الموهبة والموهوبين من الاهتمامات الحضارية للدول المتحضرة ولبلادنا الغالية وهي في علياء التقييم والقيمة عالمياً: ولن أتحدث عن الموهوبين ومؤسسات احتضانهم في بلادي فقد كفاني شأنهم ذوو الاختصاص؛ إنما هاجسنا جميعا أن نتحدث ونسهب عن محفزات الموهوبين المبدعين وهي حتما شديدة الصلة بالإنسان؛ لأن فضاءات الإبداع مفتوحة فيحتاج الموهوبون المبدعون إلى قراءة ذلك الإبداع وإدراكه؛ فالممتلئون يقتنعون بوجودهم وما يلبثون إلا أن يباركوا الاصطفاف مع المبدعين أما من هم دون ذلك فإن غياب المحفزات المباشرة تفضي إلى نقص الرغبة في الانجاز، وتقاصر القدرة على الإبداع ومن المناسب أن نذكر أن بعض الثقافات الضحلة قد تدخل في منافسة تعجيزية مع المبدعين فيواجه الموهوبون المبدعون صعوبة في رسم حدودهم عندما تهطل عليهم طاقات الفكر، وقد يرون ذلك حقيبة مجهدة عندما ينتقلون بها لكثير من الفضاءات وينشدون في ذلك الاطمئنان على حصادهم النضر؛ فالموهوبون في بيئاتهم الصغيرة لابد أن يقفوا في موقف حقيقي من المصطلح ولا يكونون في هامشه! وأن تُقام لهم مواقع الإنتاج لتوليد مايختزنون من طاقات والاستفادة من الإضافات النوعية حيث يصنعون المعرفة المنتجة ويفجرونها في القنوات والسواقي ويحولونها إلى طاقات محتملة، قال تعالى: قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (سورة طه: 50) والهداية للفطرة أولا وللعقل النامي.
المفكر ثانيا !ووطنا الحفي بعقول أبنائه جعل للمبدعين أولوية وأشاد بهم ولهم ويسير في كل موقف ينصف الإبداع ويهئ له البيئات التي تنمو فيها بذوره وتندى زهوره فيكون ذلك الإبداع المسكون بالابتكار والدهشة هو ما يمنح الموقف الإنساني مباهج لا تحصى، وإذا ما أيقن المجتمع بأن الإبداع المتولد من عقول الموهوبين هو حركة واعية مفعمة تهتك النمط المألوف وتعيد صياغة السائد واستنبات توجهات الموهوبين وابداعاتهم وما يحملونه من إضاءات تزخر بالدهشة التي تخطف المشهد في المعرفة بكافة أشكالها وصنوفها وأن ما يملكونه هي مناخات مخضلة، وأنها ليست محض مصادفة أو أفكار قفزت ثم تنأى وتموت! وبذلك نكون قد نجحنا في إطلاق الإبداع من إسار طقوسه المألوفة ليُزهر بنبتة تمتزج فيها هالة من اللحظات التنويرية؛ وفي تلك اللحظات تبرز ملامحنا المتماسكة الناضجة نحو الموهبة والموهوبين المبدعين لإيقاظ مشاريعهم المؤجلة ونوقد لهم الضوء ليصعدوا فوق الأيام ويستمتعوا بعقولهم ويسعد الوطن بنواتجهم وعند ذاك نصطف مع الموهوبين في مضمارهم! ونفسح الطريق لجيل قادم لينحتوا أسماءهم عند نقطة الانطلاق ويمهرها بخاتمه حين يكتمل السباق ويحصد الوطن تجليات نادرة صنع لها أوعية من الوضوح لتكمل تفاصيل مستقبل عظيم عندما يبارون أهدافا ويحققون صنائع ويغلبون في النهايات المبهرة!