بدر الروقي
لاشك أنَّ الإعلامَ المهني المتزن يعتبر أحد الركائز الأساس للنهوض والارتقاء بأي أمة، أو دولة وما يتشكَّل تحتها من كياناتٍ وهيئات ومؤسسات.
وهو بوابةُ عبورها للوصول والاتصال بالعالم الخارجي، وواجهتها الحضارية التي تكون محط الأنظار، ومسترق الأسماع؛ لما يمثلهُ من صوت ينقلُ الحقائق، ويصورُ الوقائع، ويشرح ما يدور في مشهد الأحداث المناطة به، والمحاطة بعنق مهنيته؛ ليكون تحت مجهر النقد، وعلى طاولة التقييم.
يُقاس نجاح الإعلام بشتى أنواعه، ومختلف وسائله.. بحجم تأثيره الإيجابي، وما يقدمه من مخرجاتٍ حيَّةٍ وأمثلةٍ مباشرة، وأيضاً في مدى إسهامه في تبني القيم الاجتماعية السليمة وتعزيزها ونقلها بكلِّ شفافيةٍ ومهنية، وأمانةٍ وصدق للمتلقي والمهتم.
إنَّ أهم المعايير التي يبنى عليها نجاح الإعلام وبلوغه الغاية -القصوى- للتميز، والسقف الأعلى للرقي هو الحوار الهادف، والنقاش القائم على تقبل الرأي الآخر واحترامه، والتجرد من العاطفة والمحاباة في الطرح، وإشباع وإثراء المتابع بمحتوى يقوم على تحري الدقة، وصدق المعلومة؛ لأنَّ ذلك كله يمثل ميثاق أخلاقيات المهنة.
وفي النهاية..
رسالة الإعلام التي لا تقوم إلاَّ على التراشق والتشفي، وإثارة المشهد، وتأجيج المُشاهد، ومصادرة وجهات نظر الغير، وإقصائهم لمجرد أنهم لا يتوافقون في الميول ولا يتقاطعون في المصالح هي رسالة مشوهة وهادمة لا تنتمي للإعلام بصلة، بل إنها بهذا الفكر والتوجه تُحوّل منابر (الإعلام) لساحات (إعدام)؛ وتجعل القلم المهني الهادف آلة حادة في أيدي بعض من شوهوا هذه الرسالة السامية، والحرفة الشريفة.