سطام بن عبدالله آل سعد
إذا كنت تتابع الدوري السعودي هذا الموسم، فلا بد أنك لاحظت التقلبات الغريبة في أداء الفرق، حيث تحقق الأندية الكبرى انتصارات ساحقة، لكنها سرعان ما تتعرض لخسائر غير متوقعة أمام فرق متذيلة الترتيب، ورغم أن المفاجآت جزء من جمال كرة القدم، إلا أن تحول عدم الاستقرار إلى قاعدة ثابتة بدلاً من كونه استثناءً يستدعي التوقف والتساؤل: هل يعود السبب إلى ضعف الإعداد البدني والفني، أم أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الاستقرار الإداري الذي ينعكس على أداء الفرق ويجعل تذبذب المستوى هو السمة الأبرز للموسم؟.
الإرهاق أم سوء التخطيط؟
نعم، فازدحام المباريات، خصوصًا مع التزامات بعض الفرق في دوري أبطال آسيا، يرهق اللاعبين ويؤثر على مستواهم، لكن المشكلة لا تتوقف عند الإرهاق البدني فقط، بل تمتد إلى غياب خطط تأهيل مستدامة تحافظ على ثبات الأداء طوال الموسم، حيث تبدأ بعض الفرق الموسم بقوة ثم تنهار تدريجيًا نتيجة ضعف التخطيط، ويزداد الأمر تعقيدًا مع التغييرات المستمرة في الأجهزة الفنية التي تزعزع الانسجام التكتيكي للفرق، فيما يضاعف الضغط الجماهيري والإعلامي من الأزمة، حيث يجد اللاعبون والمدربون أنفسهم محاصرين بقرارات متسرعة تنعكس مباشرة على نتائج الفرق ومستوياتها.
تذبذب المستوى.. كيف يؤثر على سمعة الدوري عالميًا؟
بعد استقطاب نجوم عالميين، بات الدوري السعودي تحت أنظار العالم، لكن التقلبات الحادة في المستوى تثير الشكوك حول جدية المشروع، إذ إن غياب الاستقرار التنافسي لا يهدد فقط مصداقية البطولة أمام الجماهير، بل قد ينعكس سلبًا على ثقة المستثمرين ويؤثر على استدامة النجاح، فالأموال وحدها لا تكفي لصناعة دوري قوي، إنّما لا بد من تخطيط استراتيجي واضح يضمن توازن الأداء واستمرارية التقدم على المدى الطويل.
هل الدوري السعودي ساحة تجارب تكتيكية؟
أحيانًا يبدو أن الدوري السعودي قد تحول إلى ساحة تجارب تكتيكية، حيث تتبع الفرق مدارس تدريبية متناقضة وتخضع لجدولة مباريات مرهقة تفقدها القدرة على الحفاظ على أداء متماسك، فتتألق بعض الأندية بشكل مفاجئ قبل أن تنهار، بينما تنفق أخرى ملايين الريالات دون أن تؤسس مشروعًا كرويًا واضح المعالم، مما يجعله أشبه بـ»التوسع الفوضوي» في الاقتصاد، حيث تُضخ الأموال دون وجود بنية تحتية تضمن نموًا مستدامًا، ليبقى السؤال الأهم: هل الدوري يسير وفق رؤية استراتيجية واضحة، أم أنه لا يزال مجرد تجربة مفتوحة بلا تخطيط محكم؟
هل حان وقت التدخل الحاسم؟
لكي يصل الدوري السعودي إلى مصاف الدوريات الكبرى، لا بد من إجراءات حاسمة تضمن استقرار المنافسة وتحسن جودة الأداء، بدءًا من إعادة جدولة المباريات لتقليل الضغط على الفرق المشاركة قاريًا، وفرض معايير صارمة للإعداد البدني والتخطيط الفني لضمان استدامة العطاء، مرورًا بالاستفادة من تجارب الدوريات الأوروبية في توزيع المباريات بشكل أكثر عدالة، وصولًا إلى تقليل التغييرات العشوائية في المدربين والإدارات لتعزيز استقرار الفرق وتماسكها.
مستقبل الدوري بين التحديات والفرص
الدوري السعودي أمام فرصة ذهبية ليكون من بين الأفضل عالميًا، لكنه بحاجة إلى رؤية واضحة واستراتيجية طويلة المدى. لا يكفي جذب النجوم، بل يجب أن يكون هناك توازن تنافسي واستقرار إداري وفني. بدون ذلك، قد تتحول الاستثمارات الضخمة إلى مجرّد فقاعة غير مستدامة، تُعرقل مسيرة الدوري نحو العالمية. فالنجاح لا يُقاس فقط بعدد النجوم، إنّما بقدرة الدوري على تقديم كرة قدم تنافسية ومتوازنة طوال الموسم. فهل تتجه الكرة السعودية نحو مستقبل مشرق؟ أم أن الفوضى ستبقى العنوان الأبرز؟.