صيغة الشمري
صراع أفكار، أو إن شئت «سجال مثقفين»، ذلك الذي يدور بين الناقد والمفكر الدكتور سعد البازعي، والروائي أسامة المسلم، فكلاهما يقف على أرضية صلبة، ويستند إلى علم وفهم ومعرفة في مجاله، غير أن الجدال بينهما اتخذ منحى حادًا، وشغل المهتمين والمتابعين للمشهد الثقافي والأدبي، خصوصًا أنه يتعلق بمنتج مطروح على الساحة الأدبية ولاقى رواجًا كبيرًا في أوساط معجبي فن المسلم.
ورغم تلقف القراء لروايات أسامة وحضور حفلات توقيعه في المناسبات الأدبية، غير أن البازعي قدم نقدًا لاذعًا، متجاوزًا ذلك بوصف «ظاهرة مسلم» بأنها «فقاعة أدبية». ولم يكتف بذلك إنما عبر عن أسفه لتزاحم القراء على منصات توقيعاته في معارض الكتب معتبرًا أن رواياته لا تعد كونها سوى «فانتازيا، وتسلية» وأنها سطحية ولا تستحق تقديم ورقة نقدية حولها، وهو ما يثير نقاشات جادة حول معايير الأدب وقيمته بين النخب الثقافية والجمهور المتلقي للأعمال الأدبية بشكل عام.
مثل هذه النقاشات الحادة ربما يكون لها ما يبررها لدى الطرفين، سواء من ناحية علمية أو غيرها، ولكن ما يهم جمهور المتابعين هو التفصيل النقدي الدقيق في مثل هذه الحالات، وأتى الرد من المسلم بذات الأسلوب، عندما قال إنه يدرك لغة العصر و«يكتب للجمهور من المحيط إلى الخليج»، فلم يقدم تفصيلًا أدبيًا شاملًا حول أعماله التي دافع عنها بأنها ناجحة بفضل تطويره لأدواته وتواصله مع اهتمامات القراء، وكأنه يرى أن نجاحه مرتبط بتلبية رغبات الجمهور لا بما يراه جدير بالتقديم.
كما تبنى ذات الأسلوب التهكمي الذي استخدمه منتقده، حين وصفه ومن «يريدون النيل منه» بأنهم «دياناصورات» تجاوزهم الزمن.
وإن كان بعضهم يرى أن هذا الجدل بين الطرفين يعكس تبايناً في وجهات النظر حول معايير تقييم الأدب، فإنني أراه -وربما يشاركني آخرون- مجرد صراع لن يفيد القارئ، طالما أنه جنح للتهكم والتقليل من قيمة الآخر، فالنقاش الجاد هو ما يتطرق إلى القضايا بشكل أعمق دون الخوض في تفاصيل لا تهم القارئ الباحث عن نص يعبر عنه، سواء كان أدبًا ترفيهيًا وفانتازيًا أو أدبًا جادًا.