د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
أطلقت السعودية إقامة مدينة صناعية تجمع صناعات الطيران بواحة مدن في جدة على مساحة 1.2 مليون متر مربع، بهدف تمكين سلاسل إمداد قطاع الطيران بالقرب من مطار الملك عبد العزيز الدولي وميناء جدة عبر إنشاء مصانع جاهزة بمساحات متنوعة تدعم صناعة الطيران كإحدى التقنيات الصناعية المتقدمة.
تسمى المدينة الجديدة إيرو بارك الأولى، ولا يزال هناك مراحل تطوير مقبلة لتجميع الطائرات المدنية والمروحية بهدف استقطاب الشركات العالمية، بجانب أن المدينة تضم شركات تعمل في مجالات إصلاح وصيانة الطائرات والمسيرات والأجهزة الملاحية والأنظمة الإلكترونية.
حصلت أول رخصتين لشركتين فيما يتعلق بمحركات الطائرات وهندسة وصناعة الطيران، بالنسبة للطائرات العسكرية ستكون التراخيص بالتعاون مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية.
تعد صناعة الطائرات جزءا من الاستراتيجية الوطنية للصناعة، وهناك شركات عالمية مثل أمبراير، تي آي التركية، بيونغ، إيرباص، وجميعها تبحث عن بيئة توفر موردين محليين لصناعة الطائرات، خصوصا في ظل الطلب العالمي العالي على توريد المكونات الأساسية، والسعودية تزخر بالمواد الخام الأساسية، وتحويل السعودية إلى مركز إقليمي وعالمي في صيانة الطائرات وإصلاح الطائرات التجارية والطائرات دون طيار والطائرات العسكرية، وذلك من خلال تمكين الشركات الوطنية المتخصصة في القطاع، وتعزيز نموها وتوسعها، ورفع قدرتها التنافسية.
حيث تعتبر الولايات المتحدة الأكثر شهرة في صناعة طائرة البوينغ على مستوى العالم، فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا تشترك هذه الدول جميعها في صناعة الطائرة المنافسة لبوينغ وهي إيرباص، فيما روسيا تشكل صناعة الطائرات الحربية جزءا مهما من الاقتصاد الروسي، وهناك 8 شركات أمريكية ضمن أكبر 10 شركات عالمية للطيران فيما تعتبر أيرباص وسافران شركتان متعددة الجنسيات أوروبية، أي أن أمريكا تستحوذ على نحو تريليون دولار من حيث القيمة السوقية فيما تستحوذ أوروبا على 160 مليار دولار.
ستكون المدينة الصناعية مخصصة للصناعات المرتبطة بالطيران، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والتي يبدأ العمل فيها بتصنيع أجزاء الطائرات الألمنيوم، التيتانيوم، معدات الهبوط، طائرات التنقل الحديث، وكلها تشمل بناء متكاملا لاستراتيجية تصنيع الطائرات، حيث تعد صناعة الطائرات جزءا من الاستراتيجية الوطنية للصناعة، بل تعد أحد أهم القطاعات الصناعية المستهدفة في الاستراتيجية الوطنية لتسهم في تنمية وتوطين قطاع صناعة الطيران، والاستفادة من مزايا الرخصة الصناعية والحصول على الممكنات والحوافز المقدمة للتراخيص الصناعية.
وعقد ملتقى صناعة الطيران في جدة الذي يجمع نخبة من الخبراء والمختصين المحليين والدوليين في مجال صناعة الطيران ليشكل منصة حيوية لتبادل المعرفة والتعاون بين الشركات والمصنعين في هذا القطاع الاستراتيجية، من أجل مناقشة تطوير البنية التحتية لصناعة الطيران في السعودية، ودعم البحث والتطوير في هذا المجال لتهيئة بيئة أعمال جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين.
من أبرز مذكرات التفاهم التي وقعها المركز الوطني للتنمية الصناعية، توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين المركز وشركتي درع الحياة وAutogyro لتوطين ونقل صناعة طائرات التاكسي والهليكوبتر، التنسيق مع الشركة العربية الدولية لتوطين صناعة أنابيب عمليات صهر معدن التيتانيوم الأسفنجي، تفاهم مع شركتي Jabben و Jetbase لتوفير الدعم اللازم لتطوير صيانة وعمرة الطائرات في مطار الجبيل، تعاون مع شركة حلول المطارات الدولية لتعزيز مستوى الربط مع الشركاء التقنيين لتطوير مشروع توطين إعادة تدوير الطائرات وتسهيل الحصول على التراخيص اللازمة، مذكرة تفاهم مع شركة Kingdom Aero Industries وشركة Doroni لتوطين صناعة الطائرات الخفيفة الرياضية ذات الإقلاع والهبوط العمودي، تعاون مع شركة Leonardo لتوطين صناعة الهليكوبترات وتطوير قطاع الطيران العمودي.
اتفاق سعودي فرنسي لتصنيع طائرات مسيرة تعمل بالطاقة الشمسية في السعودية، وقد أوضح رئيس طيران القدية تصنيع أول طائرتين ونقل التقنية بالكامل بعد 3 سنوات، تم توقيع العقد مع شركة إكس سن الفرنسية، التي تم التوقيع عليها على هامش منتدى الاستثمار السعودي الفرنسي بالرياض، وتمتلك السعودية حق البيع الحصري داخل السعودية ولدول الجوار من أجل فتح الشركة خط توزيع في المنطقة، وسيقدم مصنع الرياض خدمات الصيانة والتدريب، وسيضم مركز الخدمة العملاء.
سبق أن استقطبت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية مدن استثمارات بقيمة 34.6 مليون دولار مخصصة لتوطين صناعة الطائرات العسكرية والطائرات بدون طيار وتقديم خدمات إصلاح وصيانة السفن، وبعد انتهاء معرض الدفاع العالمي في الرياض وقعت وزارة الدفاع 17 عقدا ومذكرتي تفاهم مع شركات محلية وعالمية بهدف رفع مستوى الجاهزية العسكرية لأفرع القوات المسلحة وتعزيز قدراتها إلى جانب المساهمة في دعم وتوطين التصنيع المحلي، حيث عملت السعودية في السنوات الماضية على تعزيز صناعة الطائرات من دون طيار في السعودية، وذلك من خلال توقيع اتفاقية ومذكرتي تفاهم مع 3 شركات دفاعية تركية في أغسطس 2024، وفي يونيو من نفس العام اتفقت السعودية مع سكوبا للصناعات العسكرية وإيرباص على توطين صناعة طائرات الهليكوبتر المدنية والعسكرية بالسعودية، بقيمة تبلغ 25 مليار ريال كمرحلة أولى، بهدف زيادة نسبة التوطين 50 في المائة من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030 وذلك وفقا للاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2022، بهدف وصول مساهمة الصناعات الدفاعية والعسكرية في الناتج المحلي إلى 95 مليار دولار عام 2030 وهو ما يمثل نحو 41 في المائة من حجم الإنفاق العسكري خلال 2022، وقد رصدت نحو 269 مليار ريال نحو 71 مليار دولار لهذا القطاع في 2024 وهو ما يشكل نحو 21.5 من مجمل الإنفاق العام.
** **
- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية بجامعة أم القرى سابقا