سلطان بن محمد المالك
الصورة الذهنية المترسخة في ذهني وتبدو في ذهن كثيرين غيري عن مدينة العُلا أنها مدينة صغيرة تقع في شمال غرب المملكة محاطة بالجبال مع وجود مدائن صالح او ما تسمى بالحجر ووجود بعض المزارع الصغيرة لأسر المدينة. وأنها بلدة صغيرة منطوية على نفسها لم تألف كثرة الزوار من الداخل والخارج. هذا الانطباع تكون لدي بشكل خاطئ بسبب عدم زيارتي لها سابقاً. وبعد زيارتي لها قبل أيام لم أتوقع أنني سأعيش واحدة من أكثر التجارب ثراءً وإعجاباً في حياتي، تلك المدينة الساحرة التي تقع في قلب صحراء المملكة، فهي ليست مجرد وجهة سياحية عادية، بل هي لوحة فنية تجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الخلابة. كانت رحلتي إليها بمثابة رحلة عبر الزمن، حيث كل صخرة وكل وادٍ يحكي قصة حضارة عظيمة.
بمجرد وصولي إلى مطار العلا الجميل الذي بنى على طراز حديث وهيئ لاستقبال الزوار والسياح، استقبلني منظر الصخور الشاهقة التي تبدو وكأنها نحتت بيد فنان ماهر (سبحان الخالق)، الهواء النقي والهدوء الذي يلف المكان أعطاني شعورًا بالراحة والاسترخاء. كانت السماء صافية، والشمس تلمع على تشكيلات الصخور الرملية، مما جعل المنظر أشبه بلوحة طبيعية.
أبناء العلا رائعون ومضيافون ومرحبون بالزوار من الخارج، أماكن الإقامة متوفرة على أفضل وأرقى مستويات، فهناك الفنادق الحديثة الواقعة بين الجبال والشقق والمزارع، المقاهي والمطاعم على أرقى المستويات مع خدمات رائعة. واضح تماماً لزائر العلا أن البلد قد سارع الزمن للتحول والتغير ومجاراة المدن العالمية الجاذبة للسواح في كل شيء بل وحتى التفوق عليها. وفي تصوري نحتاج تكثيف الترويج عالمياً للسياحة لديهم وخلق قصص وتجارب ناجحة للزوار والقادمين اليها ونشرها حول العالم.
كانت أولى محطاتي في العلا هي زيارة الحجر مع مرشدين من أبناء وبنات الوطن مدربين تدريبا رائعا في عملهم مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا. هذا الموقع الأثري الذي يعود إلى حضارة الأنباط كان بمثابة بوابة إلى الماضي. استمعت إلى المرشد السياحي وهو يروي قصصًا عن هذه الحضارة التي ازدهرت قبل آلاف السنين، وشعرت وكأنني أعيش في ذلك العصر. زرت بعدها جبل الفيل، وهو تشكيل صخري طبيعي يشبه فيلًا ضخمً، المكان مليء بالسياح القادمين من خارج المملكة كان المنظر مذهلًا، خاصة عند غروب الشمس عندما تلون أشعتها الذهبية الصخور، مما يعطيها مظهرًا سحريًا.
زيارة البلدة القديمة في العلا والمشي بين الأزقة الضيقة والمنازل الطينية كان بمثابة رحلة إلى الماضي. شعرت بالهدوء والسكينة بينما كنت أتجول في هذه الأزقة التي كانت يومًا ما تعج بالحياة، شدتني المحلات الصغيرة التي تبيع المنتجات التقليدية، وأعجبني استغلال المباني القديمة وترميمها وفتحها للزوار.
تجربتي وان كانت قصيرة الا أنها بكل تأكيد كانت مميزة في اكتشافي لمعلم جديد في وطني سوف أزوره ان شاء الله قريبا في رحلة مطولة مع عائلتي للاستمتاع بجماله.
أختم هذه المقالة بإسترجاع ما قاله عراب الرؤية سمو ولى العهد محمد بن سلمان أن وطننا هو وطن الحالمين، وما تحقق في العلا من نقلة سريعة يؤكد أنها إحدى المدن الحالمة التي بدأت تحقق جزءا من احلامها، وأن لا مستحيل أبداً في تحويل مدن المملكة إلى مدن سياحية تضاهي المدن السياحية العالمية، ولا أنسى أن أشيد بما تقدمه الهيئة الملكية لمحافظة العلا من عمل جبار لحماية العلا وتطويرها وتنشيطها سياحياً مع المزج بين الحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي الغني والسياحة المستدامة والتنمية المجتمعية.