خالد بن حمد المالك
منذ أيام انعقد مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، نظمته رابطة العالم الإسلامي النشطة في خدمة الإسلام، وتقريب وجهات النظر بين مذاهبه، وتقليل حجم التباين في المواقف السياسية والخلافات بفعل التباين في المذاهب، وتم فيه اعتماد الخطة الإستراتيجية والتنفيذية لبناء الجسور بين المذاهب الإسلامية.
* *
استغرق الاجتماع يومي 6-7 رمضان 1446هـ الموافقين 6-7 مارس 2025م تحت عنوان (مؤتلف إسلامي فاعل)، وخرج ببيان مرضِ لجميع ممثلي هذه المذاهب، والمهم أن يترجم ما ورد في البيان إلى عمل وإلى فعل، وتنتهي هذه الخلافات على صحة أي من المذاهب، والمناكفات حول الخلافات التي مضى عليها قرون.
* *
وضمن أبرز ما تم الاتفاق عليه إطلاق جائزة سنوية تقدم للمؤسسات والأفراد الذين يسهمون في تحقيق أهداف وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية.
* *
وهناك 60 عالماً أعدوا (موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي) في نحو 1800 صفحة لتكون خارطة طريق للعلاقات بين المذاهب الإسلامية وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع.
* *
ما قامت به الرابطة محاولة لتقليص الخلافات، وهو عمل تُشكر عليه لتقريب وجهات النظر ولو في الأشياء غير الخلافية، وما كان غير ذلك فيترك للتاريخ، وليتحمل وزره من أخطأ وأساء، على أن يبقى على شعرة معاوية، حتى لا تمتد الإساءة إلى كل المذاهب الإسلامية، وبصراعات بينها.
* *
عقد المؤتمر في مكة المكرمة، وهذه هي النسخة الثانية، ولا يوجد مكان في العالم أجمع أكثر إشراقاً ومناسبة من شهر رمضان، ومن أطهر البقاع مكة المكرمة، ليجمع شمل علماء الأمة الإسلامية، ويتم ترسيخ تضامنهم، ففي مكة بزغ نور النبوة، وفي مكة القبلة الجامعة، وإلى هنا تهفو القلوب منذ فجر الإسلام وإلى اليوم، وإلى ما شاء الله.
* *
في هذا الجمع الطيب للراسخين في العلم، وفي رحاب مكة المكرمة، تحتاج الأمة الإسلامية إلى تضامنهم وتعاونهم، وتجاوز ماضي التوجسات، إلى ساحة الأخوة، وأدبها الإسلامي الرفيع، وأن يكون الجميع على كلمة سواء، أصلها ثابت وفرعها في السماء.
* *
إن رابطة العالم الإسلامي، تمثل بدورها الكبير منصة للحوار البناء، لأنها تجمع تحت مظلتها علماء الأمة من مختلف المذاهب الإسلامية، في مجالسها ومجامعها وهيئاتها العلمية، متجاوزة الخلافات المذهبية، مُسخِّرة كافة إمكاناتها لصالح الأمة الإسلامية.
* *
وقد آن الأوان لتتجاوز الأمة الإسلامية المفاهيم الضيقة حيال التنوع المذهبي الذي أفضى في كثير من صوره لحالات مؤسفة تشعلها من حين لآخر الأفكار الطائفية المتطرفة، وأن تعود إلى تضامنها الإسلامي الواحد، لأنه خلاصها من هذا التخلف والخلافات والهوان والضعف.
* *
ومن المهم، أن يتم تنفيذ ما ورد في البيان الختامي، ووافق عليه المشاركون، وهم مَنْ هم في علمهم ودراياتهم، وما يجب أن يكونوا عليه من اهتمام وحرص على دينهم وبلدانهم وشعوبهم.