د. طارق بن محمد بن حزام
النساء عمومًا لديهن غريزة طبيعية وفطرية للحفاظ على مظهرهن وزيادة جمالهن الطبيعي.
وعالميًا، تقضي النساء أوقاتًا طويلة وتبذل جهودًا كبيرة في الحفاظ على مظهرهن والعناية بشعرهن وأظافرهن وبشرتهن وملابسهن وهيئاتهن الخارجية.
لكن في عالمنا الحديث بعض النساء أخذن الأمر إلى حد مبالغ فيه في رحلة البحث عن الجمال. وهنا مربط الفرس؛ لقد استُغل هذا التوجه استغلالًا فاحشًا لتحقيق مكاسب تجارية ضخمة.
ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فهناك فئة من النساء تشعر أنها مُجبرة على اتخاذ إجراءات أقسى لمواكبة صيحات الموضة وتقليد الممثلات والعارضات، وهي الجراحات التجميلية المتوغلة، وما يرافق ذلك من ضغوط اجتماعية؛ فإن العديد من النساء يخضعن أنفسهن لعادات وحميات جمالية ليلية ونهارية، وينفقن القسط الأكبر من أموالهن التي اكتسبنها بشق الأنفس على منتجات التجميل، فينتعلن وبكل سرور أحذية بكعوب عالية جدًا، يصعب السير بها، ويرتدين ملابس ضيقة جدًا وغير مريحة، مع وضع رموش اصطناعية تحجب أحيانًا نظرهن، وأظافر صناعية تعيق قدرتهن على التقاط الأشياء بأصابعهن.
فضلاً عن موضة البشرة السمراء، وما أدراك ما هي، فترتاد النساء صالونات التسمير وتضع دهانات التسمير، وينتهي بهن الحال إلى تجاعيد خطيرة في جلودهن. كل هذا في سبيل اكتساب البشرة البرونزية. والأخرى تبحث عن «الشقار»؛ فتجرب النساء دهانات التبييض وخلطاتها؛ لتنتهي بإضرار جلودهن في سبيل اكتساب البشرة البيضاء.
والبقية تأتي، فهناك لائحة ضخمة من الإجراءات الجراحية التي يمكن أن تخضع لها المرأة لزيادة جمال وجهها.
زرع خدود، حشو خدود، عملية تجميل الأنف، رفع الحاجب بالمنظار، رأب الجفن، جراحة عين القط (وتسمى كذلك لأنها تتضمن رفع زوايا العين لتعطي مظهرًا مائلًا للعين، مثل عين القط)..، رفع الشفة، حشو الشفة، زراعة حنك، زرع جناح خد، إزالة شحوم الخد، شد الوجه.
وهذا غيض من فيض ما يمكن القيام به، وهذا للوجه فقط! أما باقي الجسد، فتتضمن الكثير جدًا من الإجراءات الجراحية سواء للصدر أو الظهر أو الورك أو السرة أو الرجل، أو أي جزء من الجسد.
إن رغبة الأنثى في اكتساب الجمال الجسدي أمر طبيعي، لكن حين تقترن بالتقليد والمتعة (مذهب اللذة) والنسبية الأخلاقية، وانخفاض السيطرة على الدافعية، والتعلق الجنوني بالموضة، فأمامك وصفة للكوارث.
وحين ينصب الاهتمام كله على المظاهر والصور، فلن يهتم أحد بالذات (من دين وإيمان وخلق وشخصية). وحين يكون همّ الواحد كله في الجسد؛ لن يهتم بقلبه. قال تعالى:
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (3) سورة التغابن.
وهذه الآية يجب أن تكون الأساس الموجِّه لكل سلوكياتنا بشأن المظهر الخارجي؛ فالله خلقنا وصوَّرنا أحسن تصوير، مثلما خلق السماوات والأرض، فلا حاجة لنا بالمبالغة في جراحات تجميلية. فالله خلقنا في أحسن تقويم وأصحاء، وله الحمد على ذلك.
ونصيحتي للزوجات: من الرائع أن تتجملي لزوجك في بيتك، فالرجال مخلوقات بصرية؛ فعليكِ بالتجمل لزوجكِ، لكن أفضل مظهر دائمًا هو الأكثر طبيعية. ومن الأحسن دائمًا زيادة محاسنك الطبيعية بأقل قدر من الكحل على سبيل المثال.
ومن المثير للسخرية أن الدراسات أظهرت أن معظم الرجال لا يرون الجاذبية في وجوه النساء المغطاة بطبقات المكياج. فبسِّطن الأمر يا أخوات!
ختامًا، إن السمات الجمالية الأكثر جاذبية هي الأقل كلفة، وتكون بالحفاظ على وزن ضمن المدى الصحي بالنسبة لطولك، والرائحة الطيبة، والنظافة والطهارة. ولا داعي على الإطلاق لأن تهدر الأموال والأوقات على الإسراف في منتجات التجميل المجهولة المكونات والكيميائية. ولا داعي لأن تضعي نفسك تحت رحمة سكين الجراح بغية الجمال. قد تنطوي العمليات الجراحية التجميلية على مخاطر حدوث مضاعفات مثل العدوى والندبات، وحتى مشكلات تهدد الحياة مثل جلطات الدم أو مضاعفات التخدير، وقد يكون هناك عدم رضا عن النتائج، مما قد يؤدي إلى الحاجة إلى جراحات تجميلية إضافية. ولا داعي لأن تضعي أظافر صناعية من الطول ما يجبركِ أن تطلبي من الغرباء مساعدتك في التقاط الأشياء الصغيرة.