أ.د. محمد خير محمود البقاعي
لقد كانت الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801م) بقيادة نابليون بونابرت التي أسهمت القوات السعودية من القبائل المنضوية تحت لواء الدولة السعودية الأولى في التصدي لها، (ومن قبائل حرب وجهينة على وجه الخصوص)، كانت، في واقع الأمر حملتان؛ حملة عسكرية انتهت بفشل ذريع، وحملة ثقافية استمرّت آثارها سنين عددا. فالعلماء والخبراء العسكريون والثقافيون من آثاريين ومترجمين أسسوا أسس علم المصريات، وعلماء الإناسة (الأنثروبولوجيا) واللغويون والاقتصاديون الذين استقر معظمهم في مصر وشكلوا جيشا ثقافيا ترك لنا إرثا ثقافيا جعل مصر بقدرة أبنائها ومن استوعبتهم من كل ذلك الحراك تتصدر الحركة الثقافية في العالم العربي، وتصبح نموذجا لكثير من الباحثين في أسباب التطور. لقد كان وصول محمد علي إلى سدة الحكم والتفاف تلك القدرات العلمية والعسكرية والاقتصادية حوله عامل تطور كان محمد علي يسعى إليه، وقد أقنعته حروبه التي خاضها غالبا وكيلا عن الدولة العثمانية بضرورة الاعتماد على كل ما ذكرناه في بناء الدولة، وكان وجود المرتزقة الأوروبيين في المجال العسكري أساسا من أسس بناء جيشه.
وأود الوقوف عند مشهدين من مشاهد الدلالة على ذلك. أولها أن إبراهيم باشا بادر بعد هدم الدرعية والانتصار على المدافعين عن بلادهم إلى اختيار فيسيير لإرساله بالتهنئة إلى والده ولم يختر مصريا لذلك وكان المختار هو الضابط الفرنسي المذكور للقيام بهذه المهمة، وقد لقي عند وصوله كل تقدير واحترام. إن الوقوف عند دلالات هذا الحدث وما لقيه فيسيير من تقدير لدى نائب السلطان هو دليل على أن إعراض إبراهيم باشا عن فيسيير وآرائه في بداية الحملة كاد أن يؤدي بالحملة إلى مصير ما سبقها من حملات، ويبدو أن الأوامر صدرت من نائب السلطان إلى ولده بالتبني للاستماع إلى خطط فيسيير ومن معه من مرتزقة وهذا ما حدث. لقد كان هذا الحدث أهم الأسباب التي جعلت محمد علي يبادر إلى تجديد جيشه حسب الخطط الحربية الحديثة، ويدل على هذا ما قاله جومار وترجمناه في شذرة الأسبوع الماضي يقول:
(جول بلانات Jule Planat 1829م) الضابط الفرنسي وصاحب كتاب تجديد مصر، رسائل من القاهرة إلى السيد الكونت ألكسندر دو لا بورد، 1830م.
وجول بلانات هو الذي كلفه محمد علي بتدريب الجيش المصري على الخطط الحديثة للغرب، واستخدم لذلك الجنرال سيف المدعو سليمان باشا الفرنساوي بعد إسلامه. فتأمل.
وهذا أوان العودة إلى ترجمة التقرير، تتمة ص [149]: ولا نجد شيئا أيضا في كتابات العشرية التالية (1820- 1830م)، مثل أعمال الراقص (سماه كذلك لأنه عمل في السرك في عروض «الرجل القوي» باسم شمشون الباتاغوني «Patagonian Samson» (وهو من روما) جيوفاني باتيستا بلزوني (1778- 1823م) Giovanni Battista Belzoni الذي قادته المصادفة إلى أن يصبح عالما بالآثار المصرية.
(وهو مهندس وصل مصر في عام 1813م. اتهم بسرقة الآثار المصرية التي لم يكن محمد علي يعرف قيمتها، وكتب كثيرا عن المكتشفات الأثرية التي عاينها وأشهر كتبه: رحلة إلى مصر والنوبة، 1979م =Voyage en Egypte et en Nubie (Giovanni Battista)، 1979).
ولا في كتابات الصائغ فرانسوا كاييو (1787- 1869م) François Caillaud (من أعلام المكتشفات العلمية في القرن التاسع عشر. توزع اهتمامه بين علم التعدين، والعلوم الطبيعية، وعلم المصريات. خصص جانبا كبيرا من مسيرته لدراسة تاريخ مصر القديمة والنوبة.
عينه محمد علي في عام 1816م خبير علم التعدين. وله كتب كثيرة عن مروي والنيل الأبيض في السودان.
ولا نجد شيئا أيضا لدى البارونة «ولفرادين أوغست لويز» دو مونوتوللي (1794- 1868م)La Baronne «Wolfradine-Auguste-Luise» de Minutoli زوجة الجنرال البروسي (ألمانيا) هنريش مينو فون مينوتولي (1772- 1846م) Heinrich Menu von Minutoli الذي كلفته الحكومة المصرية عام 1820م بقيادة بعثة إلى مصر عاد منها بمقتنيات أثرية كثيرة ضاع كثير منها بعد غرق السفينة.
والكتاب المقصود للبارونة هو: ذكرياتي في مصر، تأليف السيدة البارونة دو مينوتوللي، راجعه ونشره السيد راؤول روشيت Raoul Rochette (1790- 1854م) باريس، نويفو، 1826م. =
Mes souvenirs d»Egypte, par Mme la baronne de Minutoli, revus et publiés par M. Raoul-Rochette Paris, Nepveu, 1826).
وليس في كتابات سكرتير السفارة «البارون ماري تيودور» رينوار دو بوسيير (1802- 1865م)»
Baron Mari Théodore Renouard de «Bussiere
وهو دبلوماسي ورحالة وعالم أعراق (إثنولوجي) وأديب فرنسي، كتب عدة كتب عن الأهرامات، أشهر كتبه:
رسائل عن الشرق، كتبها بين 1824-1827م، =Paris 1829
Lettres sur l»Orient, écrites pen dant les années 1827 et 1828، Paris 1829
ولا في كتابات إيدا سان-إلم (1778-1845)، Ida Saint-Elme المعاصرة للعالم المشهور «جان فرانسوا» شامبليون 1790-1832)، Jean-François Champollion).
[150] وإنه لمن غير المجدي مراجعة الأخبار في مؤلفات متأخرة زمنيا عما ذكرناه البارون تايلور،
(1789- 1879م) Isidore Justin Séverin Taylor المسمى حجي- لارلي Laorly Hadji
(تعليقة 1: جناس تصحيفي لـ(Taylor) كتب عن الشرق الأوسط متنكرا باسم مستعار
R. P. Laorty-Hadji. وله كتاب بعنوان: مصر، نشر في باريس، لوميتر، 1857م.
L»Eqypte», Paris, Lemaitre, 1857).
ولم يرد لفيسيير ذكر في كتابات الرحالَيْن المحافظين جوزيف ديستورميل (1783-1852م) Joseph d’Estourmel) كان له مسار سياسي وإداري حافل، ختمه باشتهاره على أنه رحالة وفنان وكاتب قام في عام 1833م برحلة طويلة قادته إلى آسيا الوسطى واليونان وسورية ومصر رفقة الفنان السويسري جوان
فولفنسبيرجر (1797- 1850م) Johann JakobWolfensberger (فنان ورحالة سويسري له رحلات وأعمال فنية كثيرة منها ما ذكر بصحبة ديستورميل. كتب هذا الأخير في إثر رحلتهما كتابه: صحيفة رحلة إلى الشرق، نشر كرايليه، باريس، 1844م، مجلدان= Journal d»un voyage en Orient, Crapelet, Paris, 1844, 2 vol). و»هنري» جيسكيه (1792- 1866م) Henri Gisquet (وهو مصرفي، وصناعي، من كبار الموظفين، وسياسي فرنسا، له رحلة إلى مصر عام 1844م كتب عنها في كتابه «مصر والأتراك والعرب «1844 L’Egypte, les Turcs et les Arabes).
ولا ذكر لفسيير في مذكرات الماريشال أوغست فريديريك فييس دو مارمون (1774- 1852م)
Auguste Frédéric Viesse de Marmont
(وهو عسكري فرنسي ذو مسار طويل حافل بالأحداث والوقائع. وقد بدأ بكتابة تلك المذكرات عام، 1828م، ولم ينته منها إلا في عام 1841م، ولم تنشر إلا في عام 1856م). وينطبق الأمر نفسه على الرسام غوبيل فيسكيه (1817-1881م) Goupil Fesquet رفيق سفر الرسام هوراس فيرنيه (1789- 1863م) Horace Vernet (صاحب كتاب رحلة هوراس فيرنيه إلى الشرق، باريس، دار نشر شالاميل، 1843م، 227 صفحة =
Voyage d’Horace Vernet en Orient, Paris, Challamel, 1843, 227 p). ولا في رحلة العميل السري ليون روش (1809- 1901م) Léon Roches، الذي تسمى باسم إلياس حجي عمر alias Hadji Omar.
(وقد ترجم كاتب هذه السطور رحلته إلى الحجاز وصدرت عن دار جداول عام 2011م).
وينطبق الأمر نفسه على الأكاديمي جان-جاك أمبير (1800- 1864م) L’ academicien J.-J. Ampère.
(مؤرخ وكاتب ورحالة فرنسي. له رحلة إلى مصر والنوبة عام 1868م = Voyage en Egypte et en Nubie, 1868).
وينطبق أيضا على التقارير الرسمية التي تستحق الإشادة، وقد أعدها شارل جوزيف إدمون دو بوا-لو-كونت
(1796- 1863م) Charles-Joseph Edmond de Bois-le-Comte دبلوماسي فرنسي).
وينطبق الحال نفسه على المقالات الاسترجاعية للسفير «فانسان» بنيديتي (1817- 1900م) Vincent Benedetti وهو قنصل في القاهرة. (دبلوماسي، وصديق مقرب لنابليون بونابرت).
كما ينطبق على مذكرات انطون فون بروكيش أوستن (1795- 1876م) Anton von Prokesch-Osten مبعوث الأمير هيرمون فون ميتيرنبش دو بوكلير -موسكو (1785-1871م)
Hermann von Metternich de Pückler-Muskau
الملقب «بالأمير الباهت» (له كتاب بالألمانية عنوانه: دولة محمد علي، 1844م.
1844 Aus Mehemed Alis Reich
وتعددت رحلاته إلى مصر).
(وأوسن: دبلوماسي ورجل دولة وجنرال نمساوي. كتب عن مصر في كتابه «ذكريات مصر وآسيا الوسطى، فينا، (1829-1831م)، 3 مجلدات) =
Souvenirs d»Egypte et d»Asie mineure, Vienne, 1829–1831, 3 tomes.
وكتاب: محمد علي، نائب السلطان في مصر من يومياتي الخاصة (1826-1841م) شتوتغارت، 1877م).
=
Muhammad Ali, vice-roi d»Egypte, de mon journal intime (1826-1841) Stuttgart, 1877).
ولا أثر لفيسيير في أعمال الضابط النابوليتاني (من مدينة نابولي) بالفرنسية de Ferrer وبالإيطالية
جيوسيبي دي فيري Giuseppe Di Ferrer (صاحب كتاب: مذكرات نقدية عن الشرق، 1847 م=
Giuseppe de Ferrer «Memoires Critiques Sur L»Orient (1847)»
ولا نجد شيئا في انتقادات السياسي المعادي للرق فيكتور شلوشير (1804- 1893م)
Victor Schœlcher
(صاحب كتاب: يوميات رحلة إلى مصر، 1844م، باريس، دار نشر ميركور دو فرانس، 1844م=
Journal de voyage en Egypte, 1844Paris, Mercure de France).
وينطبق الأمر على سلسلة فانتازيات سيبيون ماران Scipion Marin (وما يتعلق منها بمصر كتاب عنوانه: أحداث ومغامرات في مصر، عام 1839م، سلسلة سيبيون ماران)=
Evénements et aventures en Egypte en 1839, par Scipion Marin
وأخيرا لا أثر لفيسيير في الأوصاف العامة لجان-جاك ريفو (1786- 1852م) J ean-Jacques
Rifaud
(وهو نحات ورائد في البحث عن ذخائر الآثار في مصر حيث قام بالتنقيب لحساب الدبلوماسي بيرناردينو دروفيتي Bernardino Drovetti وأشهر كتبه: وصف مصر والنوبة، ومناطق مجاورة، أو مسار يستخدمه المسافرون الذين يزورون تلك البلدان، باريس، منشورات تروتا وورتز، 1839م=
Tableau de l»Egypte, de la Nubie et des lieux circonvoisins, ou Itinéraire à l»usage des voyageurs qui visitent ces contrées, Paris, Treuttel et Würtz, 1830).
ولنا لقاء..