يوم التأسيس، يمثل انبثاق الهناء الذي تعيشه بلادنا المملكة العربية السعودية؛ فأصبح الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بما يمثله صنيعة فينا من ذاكرة مزهرة، مليئة بالتفاصيل الحية التي نشهدها الآن أعظمُ المجاهدين في سبيل وطنه وأمته والنّاس. وأضحت الدرعية منارة علمٍ وأمن ألقت الظلال على بقعةٍ جغرافية مديدة بالنّاس والمعالم والتفاصيل، وأضحى التنوّع الذي ضمته بين جوانبها جوهرًا في التأسيس الرفيع؛ فبدايتنا، في اليوم العزيز مخزونٌ في دمائنا، ووحدتنا وتوحيدنا، وفي اللغةِ التي نحكي، والحياة التي نعيش.. إنّ تغلغل هذه الجذور الراسخة للدولة في النفوس السعودية لهو ما تسفرُ عنه ثقافتها وامتدادها العظيم، في كل تواريخها وأيامها بما تحمله من عطاءات وبهِ اتصالٌ عزيز النظير بين المواطنين وقادتهم في كل الأطوار، وباختلاف الظروف، واجتماعُ الكلمةِ والوحدةِ التي حبانا الله عز وجل.
تلقي هذه الذاكرة بظلالها على قلوبنا الوارفة، فتزدهر، وتكون ربيعًا في هذا الوطن البديع؛ المملكة العربية السعودية. إنّ انبثاقه التأسيس تمثل قفزة ضوئية حضارية في الجزيرة العربية خصوصًا، وفي العالم العربي والعالم عمومًا؛ فهذه الدولة التي أرست دعائمها الاستقرار، مستندة إلى راية التوحيد والعز؛ لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فكما لا ينكس العلم الجليل، كانت الدولة الجليلة في ذات السياق الحضاري الأرفع وبرهانه المشاهد الحياة التي نرى، والأثر الذي نجد، والأمان الذي نحظى به ونرفل ونعتز، بتوفيق الإله جل في علاه؛ فقد عُجنت الوحدة في نفوسنا، واتحدت بأرواحنا فتجلت لنا النعمةُ استقرارًا وأمنًا وبهاءً.
وإذ إنّ التأسيس الأوّل، وما لحقه من أحداثٍ وإرهاصات أنتجت ولادة الكيان الموحّد؛ المملكة العربية السعودية التي قامت على يد الملك الموحد عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -يرحمه الله ويحسن إليه- وكانت على المبدأ، وسرت في كيان البلاد الغالية، امتدادًا للتأسيس الحاضر في وجدان النّاس؛ وأنتج ذلك بتوفيق الله عز وجل، ما نراه اليوم من مكانةٍ ومكنّة وتوفيق، وإعزاز بصمودِ الدولة والدفاع عنها أمام الأعداء منذ ابتدائها وحتى عهد التوحيد، كانت هذهِ الغاية برهان الحاضر الذي نراهُ، والأبهة التي نعلو بها على العالمين.
وإذ نذكرُ قول الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -أيده الله وحفظه-: (إن هذه الدولة التي قامت منذ ثلاثة قرون تقريباً أو أكثر هي دولة التوحيد التي قامت على أسس ثابتة من الكتاب والسنة لقد كان توحيد المملكة الواسعة الأرجاء في كيان واحد تسوده المساواة والعدالة والثقة كأول نموذج ثابت الأركان في العصر الحديث في منطقتنا)، وهو القائل: (كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي، ونتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن).
وإذ سرى ذلك في الملوك السعوديين في العهود كلها إذ كانت الأسرة المالكة الحاكمة - آل سعود - على هذا الأساس، في مراحلها، وقد أخذت على عاتقها الأُسس المضيئة التي نشأت عليها فأنبتت هذه الدولة المُباركة، ثمّ نمت وربت وأنتجت ما نراهُ من الأمور الجميلة الجليلة التي لا عدّ لها ولا حصر، وأصبح الإنجاز شُعلّة وضاءة تحملُ سياقاتنا بين أيدينا، وفي كلماتنا، وحُبنا المغروس لها ولنا في قلوبنا إذ نشتركُ على صعيدِ المحبة بين ولاة أمورنا نحبهم ويحبونا، ونحنُ في المكان الأعز عندهم، وهم في المكانِ الأعز في قلوبنا وتقديرنا وإجلالنا، فإنّ لكل عهدِ ملكٍ فينا تاريخًا ممتدًا في تعزيز بناءِ الدولة والوحدة فالحمدُ لله الذي أنعم علينا وأعزنا.
ومن شواهدِ الامتداد والعمل المشترك المغروس في نفوس السعوديين، وما ذكره ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-: (أنا واحد من عشرين مليون نسمة أنا لا شيء بدونهم)، وقال: (إن مستقبل المملكة مبشر وواعد، وتستحق بلادنا الغالية أكثر مما تحقق. لدينا قدرات سنقوم بمضاعفة دورها وزيادة إسهامها في صناعة هذا المستقبل).. كلماتُ ممتدة بتأسيس الدولةِ وتوحيدها، ومن معين طيب، أصلهُ ثابت قوي، وفرعه سامق علي، اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرنا ووفقهم.
** **
- هيثم بن محمد البرغش