هادي بن شرجاب المحامض
في لحظات المرض عندما يكون الألم خانقًا والوقت ثمينًا، لا يفكر المريض إلا في العلاج. لكنه يجد نفسه أمام عائق غير متوقع: انتظار الموافقة التأمينية. الطبيب يكتب الطلب، المستشفى ترسله إلى شركة التأمين، ثم يبدأ العد التنازلي بلا إجابة واضحة. ساعات تمضي، أحيانًا أياماً والمريض لا يملك إلا الصبر بينما جسده ينهكه الألم. هنا، لم يعد التأمين الصحي في بعض الأحيان وسيلة للحماية، بل أصبح حاجزًا إداريًا يعيق الوصول إلى العلاج في الوقت المناسب.
على الجانب الآخر، تدافع شركات التأمين عن هذه الإجراءات بحجة ضبط التكاليف ومنع التلاعب. لكن كيف يمكن تبرير تأخير عملية ضرورية، أو منع دواء عن مريض تتوقف حياته عليه؟ كيف يُطلب من شخص يعاني الألم أن ينتظر «موافقة» قد تأتي وقد تتأخر دون مبرر؟ المستشفيات أيضًا تجد نفسها مكبلة، فهي تريد تقديم الرعاية، لكنها لا تستطيع تجاوز هذا النظام البيروقراطي الذي يحكم قبضته على صحة الناس. الطبيب يعرف أن التأخير قد يعقد الحالة، لكنه مجبر على انتظار الموافقة، لأن أي إجراء دونها قد لا يُغطى ماديًا.
ومع مرور الوقت يصبح المريض يرى بأم عينه كيف تتحول صحته إلى ملف إداري، وكيف تُقاس حاجته إلى العلاج بمعايير مالية باردة. تتفاقم حالته، يزداد قلق عائلته، وربما تتطور مشكلته الصحية لمضاعفات كان يمكن تفاديها لو حصل على العلاج في الوقت المناسب.
لماذا لا يتم إلغاء الموافقات المسبقة للحالات العاجلة؟ لماذا لا تُستخدم أنظمة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات الفورية بدلاً من الانتظار؟ ولماذا لا يكون هناك نموذج يُتيح للمستشفيات علاج المرضى مباشرة على أن تُسوى الفواتير لاحقًا مع شركات التأمين؟