د.زيد محمد الرماني
ليس أشق على الإنسان من مجاهدة النفس وتغيير مرذول طباعها، وتحليتها بمكارم الأخلاق ومحاسن العادات وفضائل السلوك. فكل سلوك شخصي أو نمط خلقي وراءه خصيصة نفسية منظمة له ودافعة إليه، وحتى يستطيع الإنسان أن يتحكم في سلوكياته ويرتقي بأخلاقه ويضبط تصرفاته، فلا بد أن يلتفت قبل ذلك إلى الدوافع والخصائص النفسية.
فلا شك أنَّ للإنسان طاقات محدودة لا يستطيع أن يبذل أكثر منها ولا أن يتحمّل فوق قدرته، ولكن بعض الناس تحت إغراء كثرة الفرص المتاحة أو علو الهمة وزيادة الحيوية والنشاط، يندفع للعمل فيحمّل نفسه فوق طاقتها، مما يؤدي إلى القلق والاضطراب وعدم الإنتاج ويصبح كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
ثم إنَّ من أهم أسباب النجاح في الحياة إجادة صنع القرارات واتخاذها في الوقت المناسب في أي جانب من جوانب الحياة المختلفة، سواء في التعامل مع النفس أو التعامل مع الآخرين. فكثير من الناس يعملون ويجتهدون، ثم في لحظة حاسمة من مراحل عملهم يحتاجون لقرار صائب حاسم، لكنهم بترددهم وعدم إقدامهم، ربما ضيعوا الفرص تلو الفرص.
لذا، يمكن القول إنَّ هناك عدداً من الخطوات الضرورية لصناعة القرار وبرمجة النفس وهندسة الذات، منها: جمع المعلومات الكاملة والصحيحة عن الموضوع المراد، ثم تحديد الخيارات الممكنة والمتاحة، مع ترجيح الأفضل من تلك الخيارات المختلفة، وتنويع البرامج وتنفيذها خطوة خطوة، واكتشاف الذات والتعامل بواقعية، مع الاستفادة من النقد في تصويب العمل وإصلاح النفس، ثم الاتصال مع الآخرين والتواصل مع المعرفة، وتعويد النفس اكتساب المهارات الإثرائية.
ومن ثَمَّ، فإنَّ أول طريق النجاح في الحياة هو نجاح المرء في إدارة ذاته والتعامل مع نفسه بفاعلية، وإنَّ الفشل مع النفس يؤدي غالباً إلى الفشل في الحياة. فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها مستكنة في أغوار المحيطات المظلمة.