عبدالإله بن محمد بن مرشد التميمي
في مثل هذا اليوم المجيد، الخامس من شوال عام 1319هـ، الموافق لعام 1902م، وفي خامس أيام عيد الفطر، تشرق علينا ذكرى ملحمة تاريخية عظيمة مضى عليها 127 عامًا. إنها ذكرى استرداد الرياض، تلك اللحظة الفاصلة التي خطّها صقر نجد، الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله -، الذي انطلق بعزيمة جبارة وثقة لا تعرف الانكسار، مستعيناً بالله، ليعيد مجد آبائه وأجداده، ويرفع راية الوحدة في سماء شبه الجزيرة العربية.
في ليلةٍ عانقت فيها النجوم، وخاضت فيها الإرادةُ أهوال الصحاري، كان صقر نجد على موعدٍ مع المجد. مضى قاطعاً تلك الفيافي الشاسعة مع نخبة من رجاله الأوفياء، متسلحاً بعقيدة التوحيد ومستعيناً بالله ثم صابراً محتسباً، يقطع المسافات بليلٍ حافلٍ بالصمت إلا من خطوات عزمه الذي لا يتوقف. كانت الرمال تشهد على عزيمته، والله يبارك خطاه، وكل شبر يطأه يدون قصة بطولة لا تُنسى.
وحينما لاحت له ملامح الرياض في الأفق، كان يعلم أن اللحظة قد حانت. بعقلٍ محنك وتدبيرٍ دقيق، وضع خطته بحنكة القائد المحنك. وفي ساحة المصمك، سطر أعظم البطولات، حيث استرد القصر مع رجاله وأعاد الحق إلى نصابه، لترفع الراية الخضراء مجدداً، معلنةً عن ميلاد عصرٍ جديدٍ من الوحدة والاستقرار. (الملك لله ثم لعبدالعزيز).
لقد كان ذلك الفتح المبارك بدايةً لعهدٍ مضيء، ومسيرةٍ ملهمة من البناء والعطاء، أرسى خلالها الملك عبدالعزيز أسس وطنٍ شامخ، صار نموذجاً فريداً في الأمن والرّخاء والتّقدم.
فاللهم يا ذا الجلال والإكرام، في هذا اليوم الذي تتجدد فيه ذكريات المجد والعزة، نسألك أن تغمر الملك عبدالعزيز برحمتك الواسعة، وأن تجزيه عنّا خير الجزاء.
اللهم كما فتحت له أبواب النصر وأكرمته بالخيرات، افتح له أبواب جناتك، وارفع درجته في عليين، واجعل كل ما قدّمه للإسلام والمسلمين ولوطنه وأمته في ميزان حسناته، وزده من فضلك وكرمك.
اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، والخير والرخاء، في ظل قيادتنا الرشيدة، واحفظ بلادنا من كل شر وسوء.
اللهم وفّق قادتنا لما تحب وترضى، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.