صيغة الشمري
تتغير أفكار الشخص مع مرور سنوات العمر، وربما تتضارب مع الأجيال التالية في اعتقاده بأن جيله الأفضل، وهكذا تستمر الحياة من جيل لآخر يعتقد أن ما يقوم به من هم دون سنه ليس صواباً أو «غير مثالي»، وهو أمر طبيعي نتيجة لتباين الخبرات والتجارب والظروف المختلفة، بيد أن المهم هو التصرف بإيجابية تجاه «المختلف».
وقد ينشأ ما يُسمى بـ»صراع الأجيال» جراء الاختلافات الفكرية والثقافية، وأحياناً بفعل الفجوة بين جيلين مختلفين، ما بينهما من فروقات في الآراء والاتجاهات والقيم. وتكون الاختلافات كثيراً بين جيلي الشباب وكبار السن وليست الأجيال المتقاربة، فلكل تصوراته في الحياة، باعتبار أن كل منهما نشأ في زمن مختلف عن الآخر متأثراً بتجاربه الاجتماعية والثقافية.
وعلى الرغم من أن الفجوة بين الأجيال ليست بالضرورة أمراً سلبياً، وقد تكون مصدراً للتنوع الثقافي والتبادل المعرفي، بيد أن غياب الفهم وسوء إدارة هذا الاختلاف يؤدي غالباً إلى صدامات وتوترات، من شأنها خلق تباعد بين الأجيال، يترتب عليه غياب الحوار الفعَّال وعدم قبول كل جيل للآخر.
ومن السلبيات الأخرى، نشوء تصورات متضادة بين الجيلين، فالجيل الأكبر يرى أن الشباب يفتقرون للخبرة ولا يحترمون العادات والتقاليد المجتمعية المتوارثة، بينما يرى الجيل الأصغر أن الكبار ضدهم ولا يتمتعون بروح العصر ولا يملكون أدواته التي يفهمها الشباب. ومن هنا تبدأ حالة النفور بين الطرفين.
وكثير من علماء الاجتماع يرون أن المشكلة تكمن في اختلاف وجهات النظر، وصعوبة قبول الرأي الآخر، والتمسك بالموروث دون مراجعة، ورفض التغيير، وغياب المرونة، مما يجعل الظاهرة معقدة للغاية، فيما يسهم تسارع تغيّر أنماط الحياة من جيل لآخر في زيادة الفجوة، كما لعبت التكنولوجيا دوراً في تعميقها، حيث نشأ جيل جديد في بيئة رقمية، وبات لا يرتاح إلا مع وسائل التواصل الحديثة والقنوات الرقمية، فوجوده في العالم الافتراضي أصبح أكثر من معايشته للحياة اليومية مع أفراد المجتمع.
ويكمن حل هذه الأزمة بالتأكيد في محاولة تغيير الآخر وجعله يتقبل الاختلافات، ويؤمن بأنه لا توجد حقيقة يمكن فرضها بشدة، لذلك عليه الاستماع لوجهات النظر المتعددة وبناء حوار إيجابي يقرِّب المسافات ويُوجد أرضية مشتركة بين الأجيال.