د.زيد محمد الرماني
تتسم العواطف بالأهمية. ويرجع هذا إلى أنه قد مضت وانقضت تلك الأيام الخوالي التي كانت تكفي مساعدة زبائنك على فهم ما تبيعه أو الإدراك العقلاني لما يصنعه ما تبيعه لهم. وفي الميدان المتزايد للمنافسة اليوم، لن يكون بمقدور مسؤولي التسويق الذين يفتقرون إلى الذكاء العاطفي المواصلة والاستمرار. ومن حسن الحظ أن الأمثلة القوية التي يضربها دان هيل في كتابه (الاقتصاد العاطفي دور العواطف في الارتقاء بالأعمال التجارية) تبين كيف يمكن للاكتشافات والمستجدات أن تتنبأ بالمستقبل قبل وضعك لميزانيتك. وإذا ما كنت تتطلع إلى تحقيق معدل نجاح أكبر لقراراتك ذات الصلة بالتسويق أو الاتصال. ومن منا لا يتطلع إلى ذلك؟
إن كتاب دان هيل يعد مصدر إلهام؛ حيث يكشف للقارئ أن مسؤولي التسويق، على سبيل المثال، قد فرطوا بصورة واضحة في التأكيد على قوة العوامل العقلانية على حساب العوامل العاطفية في إعلاناتهم وتصميمهم للمنتجات، وعروضهم الخاصة بالمبيعات. ونحن نعرف جميعاً أن العواطف ذات أهمية، بيد أننا كنا نفتقر إلى المفردات اللغوية والأدوات اللازمة لجذب وقياس الأثر والجاذبية العاطفية.
لذا، يقود كتاب (الاقتصاد العاطفي) الأعمال التجارية على مستوى العالم إلى نموذج ونهج إرشادي جديد يتطلب ويكافئ الروابط الحسية والعاطفية التي يفترض أن تقوم بين الكيان المؤسسي في القرن الحادي والعشرين، ومستهلكيه. وتعمل خبرات وتجارب دان هيل على إرشاد الشركات والمؤسسات إلى سبيل تأمين روابط التعاطف التي تدفع عجلة النمو التجاري على مدار السنوات المقبلة.
إن كتاب دان هيل يدفعنا إلى التفكير من جديد في كافة الفرضيات القديمة. وهو يمسك بتلابيب الرأسمالية!! حيث يوجهنا إلى أنه يتعين علينا مزج طموحاتنا وخيالنا العملي بنوايانا الصادقة، أي أن نعمل بصورة حقيقية على توثيق أواصر الصلة مع أولئك الذين نقوم بخدمتهم. إن هذا الكتاب لا غنى عن قراءته لكل كبار القادة.
كتاب دان هيل عمل جديد وقوي يوسع حدود البحث لتشق طريقها داخل الديناميات العاطفية التي تربط بين العلامات التجارية والناس، وعن طريق استخدام حركات الوجه كتعبير عن اللاشعور، يضع هذا الكتاب أيدينا على الاستجابات العاطفية القوية، ويقدم رؤى ثاقبة حول الحقائق اللاشعورية لدى البشر. ولذلك، فهذا الكتاب لا غنى عن قراءاته بالنسبة لمسؤولي التسويق والمصممين.
كما تعد قراءة كتاب الاقتصاد العاطفي بمنزلة تجربة ممتعة ومثيرة؛ لما يحويه من مئات الطرق المفيدة لاكتشاف الكيفية التي يقول بها المستهلكون شيئاً ما، على حين يشعرون بشيء آخر، ويفعلون شيئاً ثالثاً. وهنا يصل دان هيل إلى جوهر اختيار المستهلك وولائه للعلامة التجارية مبرهناً على أنه إذا كانت عيوننا مرآة لأرواحنا، فإن وجوهنا هي المترجم الأمين لرغباتنا.
منذ اكتشاف النار واختراع العجلة واكتشاف مصادر الطاقة المختلفة وغزو الفضاء، ومؤخراً البصمة الوراثية والجينوم وتقنية النانو وكاميرات الليزر... إلخ منذ ذلك الوقت، والإنسان يسعى سعياً محموماً إلى إحلال مبدأ التحكم الآلي محل كل الأنشطة، ليفتتح بذلك عصر العولمة التكنولوجية. بمعنى ميكنة أو رقمنة كل هذه الأنشطة، العضلية والذهنية وأخيراً العاطفية. وبالتالي إخضاع العواطف لمنطق الآلة وذكائها الاصطناعي. وفي هذا الاتجاه، جاء ابتكار نظام قراءة شفرة (كود) تعابير الوجه وتطويره. ومن هنا فإن فكرة كتاب دان هيل تقوم على إمداد متخذ القرار بالنصف الآخر المفقود من الحقيقة، ونعني به ما يدور في رأس المستهلك.
إن قدرتك على جذب زبائنك من خلال مخاطبة عواطفهم تمثل الطريقة المثلى للنجاح في السوق. وهذا تحول جذري لا يستهان به في مجال الأعمال التجارية، بيد أن دان هيل يبين لنا كيفية تحقيق ذلك بطريقة مقنعة وممتعة.