سلطان بن محمد المالك
لا يمكن وصف أي شيء بدقة إلا بعد تجربته بنفسك، وهذا ما حصل لي بعد تجربتي لقطار الرياض (المترو) تلك الهدية الرائعة التي قدمتها حكومتنا الرشيدة لمدينة الرياض، فقد سمعت عنه كثيراً من تجارب الآخرين، وقررت أن أخوض التجربة بنفسي؛ جربته أكثر من مرة ومن محطات ومواقع مختلفة، لم أكن أتخيل أن تجربتي لركوبه ستكون بهذا الشكل الرائع.
ففي جميع رحلاتي، اكتشفت أنه لم يكن مجرد وسيلة نقل، بل كان تجربة حضرية مريحة ومميزة تعكس تطور المدينة بشكل ملموس. كانت الرحلة من البداية إلى النهاية مفاجأة سارّة من حيث التنظيم والكفاءة، مما دفعني لكتابة هذه السطور لأشارككم تفاصيل هذه التجربة الممتعة.
عندما دخلت لأول مرة إلى محطة القطار، كنت مندهشًا من النظام والترتيب، الإضاءات مبهرة، اللوحات الإرشادية واضحة، والنظافة التي تلاحظها في كل زاوية جعلت الانتظار قبل ركوب القطار تجربة في حد ذاتها، والتصميم الحديث كان يبعث على الراحة والطمأنينة.
انتشار الشباب السعودي من الجنسين في كل منطقة داخل المحطات لإرشاد الركاب والرد على أي استفسارات ملحوظة، سعدت بأنني في مدينة حديثة تواكب العصر بكل تفاصيله. لم أكن أتوقع أن يكون النقل العام في الرياض بهذا المستوى العالي من التنظيم والراحة والسلاسة، بل ويفوق دولا عالمية سبقتنا في تجربة القطارات.
ما لفت انتباهي بشكل كبير كان سهولة استخدام النظام، بدءًا من شراء التذاكر عبر التطبيقات الذكية إلى استخدام بطاقات الدخول التي تجعل الانتقال سلسًا وسريعًا. ما إن صعدت إلى القطار حتى انبهرت بالتجهيزات الداخلية؛ مقاعد مريحة، تكييف مثالي، وشاشات عرض تُحدّث الركاب بالمحطات القادمة. كل شيء كان مصممًا لراحة الركاب ولتسهيل تجربتهم من اللحظة التي يدخلون فيها المحطة إلى حين الوصول إلى وجهتهم. الرحلات مريحة وسريعة وتوفر وقتا قياسيا للوصول للمكان المقصود.
ما جعل الرحلة أكثر إثارة هو أن المترو يمر بعدد من المناطق الحيوية في الرياض. مررت بجوار أماكن كنت أتمنى زيارتها، وخصوصاً المناطق التجارية الحديثة والقديمة في وسط الرياض. كان المترو وسيلة مثالية لاكتشاف جمال المدينة وأماكنها المميزة. بالنسبة لي، كانت هذه الرحلة بمثابة جولة سياحية صغيرة في الرياض، حيث استطعت أن أرى المدينة من زاوية جديدة لم أكن أتوقعها.
مستقبل الرياض يبدو مشرقًا بفضل مشاريعه الحديثة مثل قطار الرياض والذي لا يقتصر فقط على تسهيل حركة التنقل داخل المدينة، بل يعكس رؤية المملكة المستقبلية لتطوير البنية التحتية، وتعزيز وسائل النقل العامة، وتقليل التلوث بما يجعل المدينة تخطو خطوة كبيرة نحو تحسين جودة الحياة في العاصمة. يشعر المرء أنه جزء من تطور حضاري كبير، وأن المملكة تسير بخطى واثقة نحو تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
باختصار، كانت تجربتي في ركوب مترو الرياض مدهشة، أنصح كل من لم يجرب المترو بعد، أن يخصّص وقتاً لهذه التجربة، فلن تشعروا بأنكم في مدينة عادية، بل في عاصمة عالمية تسابق الزمن نحو التميّز.
أختم بالشكر للقائمين على مشروع قطار الرياض، ولكي يكتمل الجمال فمن المهم أن يتم بشكل عاجل تهيئة المواقف في المناطق القريبة من المحطات، كما أرى من المهم استغلال المساحات الاعلانية المتاحة داخل المحطات وداخل القطارات فالعائد وراءها سوف يكون كبيرا، إضافة للمسات الجميلة التي سوف تضيفها تلك المساحات الاعلانية والتي سوف تكمل جمال المشروع بأكمله.