عبد العزيز الهدلق
لن نتحدث عن النجاح منقطع النظير، والأرقام القياسية التي حققها الهلال بقيادة البرتغالي جورجي جيسوس الموسم الماضي والتي سجلتها موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية. فقد أشبعت تلك الإنجازات حديثاً وإشادة، وأخذت حقها من التناول والإبراز الإعلامي.
ولكن دوام الحال من المحال، فالهلال بدأ هذا الموسم بشكل جيد وتصدر الدوري بفارق مريح، حتى وصل الفريق لمحطة الانتقالات الشتوية والتي بعدها انتكس بشكل غريب، بدأت بإصابة ميتروفيتش وغيابه الطويل، ثم بتعدد إصابات عدد من نجوم وأعمدة الفريق كسافيتش، وكانسيلو، ولم يستطع المدرب التعامل مع هذه الأزمات بالشكل المثالي أو حتى الحد الأدنى الذي يحفظ للفريق توازنه وثباته، فكان يتخبط في التشكيل من مباراة إلى أخرى. وكأنه جديد على الفريق، وليس خبيراً بكل تفاصيله. فتطايرت النقاط من أمامه، وأصبحت الفرق صغيرها وكبيرها تنتزع منه ما تريد من نقاط.
وقد بدا واضحاً لكل متابع للفريق بدقة حاجته للدعم بعدد من العناصر المهمة والمؤثرة، وبالذات في خط الوسط المتقدم في مركز (10) بالذات، فهذا المركز في الهلال لا يوجد فيه اللاعب المناسب منذ رحيل جوفينكو، حتى وإن حاول سافيتش ومالكوم ملأه، إلا أن خصائص المركز تحتاج إلى لاعب مختلف وبمواصفات خاصة، وقد كان البرتغالي جواو فيلكس متاحاً أكثر من مرة منذ الموسم الماضي قبل انتقاله إلى ميلان الإيطالي. فهذا اللاعب (أو من هو مثله) لو كان موجوداً في صفوف الهلال بعد فترة الانتقالات الشتوية لتغيَّرت أشياء كثيرة، ولم يشعر المشجع الهلال بغياب ميتروفيتش إطلاقاً، أو سافيتش.
وحسب مصادر متعددة فإن المدرب جيسوس قد طلب من الإدارة التعاقد مع عدة لاعبين أجانب خلال فترة الانتقالات الشتوية الماضية ولكن الإدارة لم تعر هذه الطلبات اهتماماً! وأرجح صحة هذا الموقف لسببين، الأول أن حاجة الفريق للدعم بعناصر أجنبية مؤثرة في خط الوسط واضحة جداً، وهذا يدركه كل من لديه معرفة بمسيرة الهلال، وإمكانيات لاعبيه جميعاً، فما بالك بمدرب الفريق، والسبب الثاني الذي يجعلني أقف في صف هذا الرأي أن الإدارة الهلال مؤخراً أصبحت تتجه نحو الاقتصاد والتوفير والترشيد في النفقات المالية إلى حد التقتير، حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة الفريق!
لقد كانت الإدارة الهلالية في فترة الانتقالات تحتاج إلى قرارات شجاعة وجريئة لدعم الفريق، فبعد انضمام متعب الحربي ما كان يجب أن يبقى لودي يوماً واحداً، لأن بقاءه جاء على حساب لاعب أجنبي متقدم لم يتم ضمه.
فالإدارة التي دفعت (120) مليون ريال مقابل انتقال الحربي كان يجب عليها أن تكمل خطوتها بإبعاد لودي، فهي لم تدفع هذا المبلغ الكبير جداً لدعم دكة البدلاء!
ومن الواضح أن جيسوس دخل في حالة عناد مع الإدارة بتفضيله إشراك لودي على حساب متعب، فاللاعبان لا يوجد فارق فني كبير بينهما ليكون لودي هو صاحب الأفضلية، إلى درجة أن يشغل مقعداً ضمن الأجانب الثمانية على حساب لاعب يمكن أن يفيد الفريق في خط المنتصف. وجاءت مباراة النصر الأخيرة لتكشف بوضوح حالة العناد والمكابرة لدى جيسوس عندما فضَّل إشراك لودي على حساب متعب الحربي حتى ولو كان الثمن أن يخسر فرصة إشراك الجناح كايو! فمتعب الحربي يستطيع تقديم ما يقدمه لودي، ولا يوجد فارق فني شاسع بينهما يجعله يضحي بمشاركة كايو في الجناح والتي كان الفريق بأمس الحاجة إليها.
لقد أصبحت الصورة واضحة تماماً الآن، فالمدرب يقف بعناده ضد مصالح الفريق، مثلما حدث عندما هبط مستوى علي البليهي وأصر على بقائه ضمن التشكيل الأساسي حتى خرج الفريق من الكأس ثم تطايرت النقاط منه في الدوري فخسر الصدارة، وكذلك اليوم يصر على تفضيل لودي على حساب عنصر هجومي مهم وهو كايو!
إن المطلوب اليوم من إدارة الهلال أن تكون قريبة أكثر من الفريق وأن تشارك المدرب الرؤية، وتجعله تحت المحاسبة والمساءلة، فإذا كان هو صاحب القرار فيجب أن يتحمَّل تبعات قراراته الخاطئة. وأهم خطوات المحاسبة أن يتخلى عن مواقفه وقراراته التي لم تنجح، لا أن يكررها في كل مباراة.
زوايا
** قال الأمير عبدالرحمن بن مساعد في منشور له عبر حسابه في منصة x: (لقد أضعف الهلال وقوي منافسوه، لذلك طبيعي أن تحدث تلك النتائج). كلمات معدودة وضحت الصورة كاملة وأجلت الحقيقة بشكل لا لبس فيه. ومن فعل ذلك هل يعتقد أن المتابعين لا يدركون حقيقة ما يجري؟!
** خروج سعود عبدالحميد الذي سبق أن وصفه الأمير عبدالله بن مساعد بأنه غصب عن إدارة الهلال كان أحد أوجه إضعاف الهلال!
** من الواضح أن الهلال يعاني من ضعف المتابعة والتقييم الإداري لمسار الفريق الكروي، فالانحدار في مستوى الفريق لم يكن مفاجئاً ولا سريعاً، بل كان تدريجياً وبدأ منذ الخسارة من الخليج قبل (105) أيام، والتي أعقبها خسارة من القادسية وتعادل مع ضمك فالرياض ثم خسارة من الاتحاد والأهلي والنصر! وافتقد الهلال مع كل هذه العثرات سرعة التدخل والعلاج، فقد كان الجميع يتفرج دون اتخاذ أي خطوة لإيقاف التدهور.
** ما يقدمه الهلال حالياً مع جيسوس لا يحقق له كأس النخبة الآسيوية، بل ولا حتى يجعله منافساً.
** بعد تجديد ثقة الإدارة الهلالية في جيسوس وإعلان تحمّل اللاعبين مسؤولية ما حدث، فستكون مباراة الفريق أمام الاتفاق يوم الجمعة هي المحك لصدق وحقيقة ما تم بين الإدارة والمدرب واللاعبين، وأصبح الجميع بانتظار مشاهدة رد الفعل يوم الجمعة.
** الأنباء العالمية التي تناولت مفاوضات الاتحاد البرازيلي لكرة القدم مع مدرب الهلال جيسوس ظلت قائمة لأكثر من أسبوعين في الإعلام المحلي والدولي، وهذا سبب أزمة ثقة بين جمهور الهلال والمدرب الذين وصفوا المدرب بأنه باع الهلال! ثم خرجت مسرَّبة من مصادر هشة أن المفاوضات غير صحيحة، فلماذا لم ينفِ المدرب في أي مؤتمر صحفي تلك المفاوضات؟! ولماذا لم يصدر بيان منسوب لمصدر مسؤول بأن المفاوضات غير صحيحة لإقفال هذا الباب الذي هبت منه رياح أججت الجمهور ضد المدرب؟!