فهد المطيويع
لم تكن فرحة النصراويين بعد الفوز الأخير على الهلال مفاجئة، بل كانت متوقعة، بل وربما أكثر من ذلك. مظاهر الاحتفال المبالغ فيها والمشاهد التي اتسمت بالكثير من الطرافة أظهرت بوضوح حجم هذا الانتصار بالنسبة لهم، وكأنهم توّجوا ببطولة كبرى. والواقع أن الفوز على الهلال، زعيم القارة ووصيف أندية العالم، يُعد في نظرهم حدثًا استثنائيًا، خاصة بعد فترة طويلة من الغياب.
لا ألومهم على فرحتهم، ولكن السؤال المشروع: ماذا لو كان هذا الانتصار قد تحقق في مناسبة مصيرية؟ كأن يكون ثمنه التأهل لنصف نهائي دوري أبطال آسيا، أو التتويج بكأس الملك، أو حتى إيقاف سلسلة انتصارات؟ كما فعل نادي الخليج مثلاً. المؤسف أن ما تابعناه من ردود الأفعال يكشف أن الفوز على الهلال هو أقصى الطموح، وأعلى سقف للأمنيات لدى النصر وجماهيره، وحتى لدى محترفيه الذين يبدو أنهم تشبعوا بنفس الثقافة البائسة.
ولو أردنا مقارنة نوعية الانتصارات بين الناديين، لوجدنا فرقًا واضحًا بين «فوز حقيقي» يصنع الفارق، و»فوز معنوي» لا يتجاوز حدود الثلاث النقاط، قد تؤثر في جدول الترتيب وقد لا تفعل، كما هو حال النصر حاليًا؛ لم يتغير مركزه، ولم يحسم شيئًا حتى اللحظة.
الهلال خسر هذا الموسم أمام الخليج، والقادسية، والاتحاد، والأهلي. وبالتالي، فإن هزيمته أمام النصر ليست سابقة نادرة أو مفاجأة من العيار الثقيل. لذا، من غير المنطقي أن يُختزل الطموح النصراوي في انتصار واحد على فريق يمر بأحد أسوأ مراحله الفنية.
نعم، الهلال خسر بالأمس، وقد يخسر غدًا. هذه هي طبيعة كرة القدم. ولكن السؤال الأهم: ما الذي أوصل الهلال إلى هذه الحالة؟ كيف تراجع الفريق الذي كان لا يُهزم، لا يهاب خصمًا، وكان ينافس على كل الجبهات، إلى هذا المستوى الباهت؟ وكيف حدث ذلك في ظل صمت الإدارة وغياب القرارات الحاسمة؟
الهلال الذي أبهر الجميع في الموسم الماضي لم يعد موجودًا. تراجع مستوى اللاعبين، وابتعاد المدرب عن تركيزه بفعل إغراءات العروض الخارجية، كلها عوامل أوصلت الفريق إلى هذه المرحلة. والواقع أن هلال جيسوس أصبح جزءًا من الماضي، ويبدو أن مشواره مع الفريق انتهى فعليًا.
اليوم، لم تعد خسارة الهلال هي القضية، بل الأهم هو الوقوف على الأسباب، وتحمّل المسؤولية. فالهلال ليس مجرد نادٍ، بل كيان ضخم له تاريخه، ومجده، وجمهوره الذي لن يسمح لأحد بالعبث بإرثه الكبير. الهلال يستمد قوته من عشاقه، ولهذا يعود دائمًا أقوى. ولكن الهلال الحالي ضاع بين وعود مدرب لم يفِ بها، وإدارة تأخرت كثيرًا في اتخاذ القرارات المناسبة.
الدوري حُسم أمره وانتهى، ولم يتبقَ سوى دوري النخبة، ولا مجال لمزيد من الأخطاء. الهلال يحتاج إلى وقفة صادقة، وإعادة ترتيب أوراقه قبل فوات الأوان.