الهادي التليلي
أسدل عيد الفطر ستار شهر رمضان لهذا العام لتبقى منه ذكريات وعبر هذا الشهر الذي يعد دائماً السوق السنوية الأميز للأعمال الدرامية والمنوعات والبرامج الترفيهية الفارهة سوق تحولت إلى ما يشبه البورصة القائمة للأعمال الدرامية والتمثيلية وإذا كانت معايير تقييم نجاحات البعض عن الآخر تكمن في مدى نجاحها في استقطاب الجمهور فإن موضوعية المقاييس ذاتها تبقى في حاجة إلى إثبات مصداقيتها فنسب المشاهدات حسب المعايير الموجودة بدورها تحتاج إلى مقياس في غياب كيانات معتمدة، بل هي أقرب إلى الكيانات التسويقية الرديفة لغياب المسافة النقدية والمعايير التي تتوفر على الحياد التام ومع ذلك فقد شهد هذا العام سباقاً حقيقياً وتنافساً كبيراً بين الفضائيات في كل أصقاع العالم العربي والإسلامي وبين شركات الإنتاج.
في الحقيقة الاعتماد على مقياس عدد المشاهدات فقط دون معيار البناء الجمالي للعمل أو حتى ما يؤسسه من قيم نبيلة يعتبر مسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق فنسبب المشاهدات لا تبني شيئاً يشبه الشهر الفضيل من حيث البناء والتأسيس والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي أسسه المشهد الدرامي لهذا العام من قيم وما الذي سيبقى منه في ذهن ووجدان المشاهد المستهلك لهذا العام فالمشاهدات الكثيرة إذا لم تكن مشبعة بقيم تؤسس للآتي الأجمل خارج دائرة ثيمات مكرورة كالجريمة والانحراف والخيانات ومجمل القيم السلبية فلا معنى لها لأنها عبارة عن سحابة عابرة من المادة الدرامية بلا أثر حقيقي.
ففي تصنيف تلغراف والذي قدم الأعمال العشرة الأكثر مشاهدة نجد أعمال قنوات MBC العتاولة وسيد الناس والمداح واش اش ومنتهي الصلوحية ونصف الشعب اسمه محمد ضمن العشر الأوائل وهذا تتويج لما تتميز به هذه الشبكة في الإنتاج وما تتوفر عليه من إمكانيات جد متطورة تنافس أكثر الكيانات العالمية من حيث الجودة والرفاه الإنتاجي
كما نجد مسلسلات أخرى مثل فهد البطل ولام الشمسية وتقابل حبيب وعايشة الدور والكابتن وأولاد شمس أيضاً في نفس السباق.
هذا وقدمت روتانا خليجية للمشهد الدرامي أعمالاً كثيرة منها شباب البومب الذي يعد مسلسل الشباب الخليجي بامتياز إضافة إلى أعمال أخرى منها الأعشى ووحوش ويوميات رجل عانس وعمتي نوير وبيت حمولة وأم أربعة وأربعين.
هذا واستطاعت الفضائيات المصرية والخليجية والمغاربية أن تؤثث المشهد بباقة من الأعمال الدرامية والتي افتك كل منها فئة من الجمهور اختارتها لتكون وجبتها في المشاهدة الرمضانية ويمكن اختزال المشهد في ثلاث نقاط إيجابية ومثلها سلبية أولها من ناحية المشاهدة والتأثير استطاع مسلسل أش اش أن يحقق السبق وذلك لجودة العمل الفنية التي ارتقت لدرجة جعلت الجميع يتعايش معه ومن كل حلقة كان هناك ترند واضح تتداوله المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي وهذا يحسب لقوة الإنتاج ونعني هذا المجال حسن عسيري إضافة إلى حرفية المخرج الفذ محمد سامي على الرغم من كونه لم يشتغل على قيم يحبها الناس وفي شهر لا يتفق مع قيم المسلسل إلا أنه افتك إعجاب الجميع حتى منتقديه الذين لم يتركوا حلقة لم يشاهدوها النقطة الثانية مسلسل شباب البومب السعودي كلما زاد موسماً زاد شعبية وتأثيراً في الشباب وعلى بساطة طرحة مس هموم الشباب السعودي وطموحاتهم.
والنقطة الثالثة وهي في الدراما المغاربية ولد مخرج ومنتج تونسي كبير اسمه بسام الحمراوي والذي على الرغم من كونه انطلق من البث على قناة اليوتيوب إلا أنه افتك الزعامة من حيث نسب المشاهدة لمسلسله أريار قدام وتعني أمام وراء.
وفيما يخص النقاط السلبية نجد التهافت الكبير لمسلسل معاوية والذي على الرغم من الصراخ الدعائي اللافت يعد نقطة ضعف المشهد، حيث إضافة للسقطات التاريخية الكبيرة فشل جمالياً وأداء ومحتوى ويجمع النقاد كونه خطوة للوراء في مجال المسلسلات الدينية.
والنقطة السلبية الثانية هي السقوط القيمي لعديد الأعمال وهنا نتحدث عن القيم الجمالية والقيم الأخلاقية معا وهنا يستوقفنا المسلسل الكويتي سدف والمسلسل البحريني نيران الحب فلا الشكل خدم المضمون ولا المضمون خدم الشكل.
والنقطة الثالثة هي التسرّع في الإنتاج، حيث تكاد تكون جل المسلسلات مسلسل واحد لمخرجين كثر كل يعيد الآخر مع غياب كبير للبحث الدرامي ما عدا قلة قليلة كنا تعرضنا إليها.