نجلاء العتيبي
تمرُّ أيام العيد كصفحاتٍ مضيئةٍ في سجلِّ الزمن، تترك أثرًا عميقًا في القلوب قبل أن تمضي، لكنها لا تغيب تمامًا، بل تظلُّ تتردَّد أصداؤها في تفاصيل الأيام القادمة.
البهجة لا تنقضي بانتهاء الاحتفالات، بل تتجذَّر في الحياة متخفِّية في الذكريات، متجددة في الأثر الذي تتركه اللحظات الدافئة.
حين تعود الحياة إلى إيقاعها المعتاد يبقى ما أضفاه العيد من بهجة حيًّا في الأحاديث التي زادتها القلوب دفئًا، وفي العلاقات التي استعادتها اللقاءات بعد طول انشغال تلك الأوقات التي جمعت الأحباب حول موائد الفرح، لا تظلُّ مجرد لحظات عابرة، بل تتحوَّل إلى جسور متينة تصل بين القلوب؛ فتصبح الرسائل أكثر دفئًا، والمكالمات أكثر قربًا، وكأن العيد لم يكن مجرد احتفالٍ بل شرارة توقظ المشاعر، وتعيد للوصل بريقه. ما يُميِّز العيد ليس هداياه ولا احتفالاته، بل الروح التي يزرعها في النفوس، روح العطاء الذي لا يرتبط بمناسبةٍ، والكرم الذي لا يحتاج إلى موعدٍ، قد تبدأ البهجة بفرحة العيد لكنها لا تنتهي هناك، بل تمتدُّ في كل فعلٍ يجلب الخير، وكل ابتسامة ترسم بلا سبب، وكل كلمة طيبة تُقال دون انتظار مقابلٍ، العيد الحقيقي هو أن نجعل الفرح عادةً، وأن يكون العطاء أسلوب حياة، لا لحظة عابرة تمضي بانقضاء المناسبة.
لا تعود الأيام إلى سابق عهدها بعد العيد، بل تكتسب بريقًا مختلفًا كأنها لا تزال تحمل أثرَ تلك اللحظات التي أضاءتها الاحتفالات، الأماكن التي شهدت اللقاءات تغدو مشبعة بالذكرى، والأحاديث تكتسب عمقًا جديدًا، والروتين اليومي يبدو أقل رتابة حين يعاود بقلوب مفعمة بالنور الذي خلَّفه العيد.
العيد ليس مجرد تاريخ يُضاف إلى التقويم، بل إحساس يمكن للإنسان أن يحمله معه متى أراد من يعيش العيد بروحه لا يحتاج إلى انتظار مناسبة أخرى ليشعر بالبهجة؛ لأن الفرح يُصبح أسلوبًا، والمودة عادة، والعطاء مستمرًّا بلا انقطاع، بعد العيد لا ينتهي شيء، بل يبدأ كل شيء بحيوية جديدة، وكأن الحياة بأكملها تتحوَّل إلى عيد ممتد بلا نهاية.
ضوء
تغيب أيام العيد ولكنها تبقى
في القلب ذكرى لا تذوب ولا تَفنى