مشعل الصخيبر
كنت على يقين أن هناك الكثير من الروايات لروائيين سعوديين من الجنسين تتميز رواياتهم بفصول وأحداث سواء تاريخيّة مستوحاة من الزمن الماضي يحكي عادات وتقاليد حقبة زمنية معينة، أو روايات من نسج الخيال يعتمد فيها الروائي، ويستمد الفكرة من خياله ويوظفها لروايته، أو رواية تحكي عن حياة ومحطات وتحولات كاتب الرواية فلكل روائي خطة ومسارة في كتابة الرواية، كتابة هذا المقال ليس عن كيفية كتابة رواية أو تقييم عمل روائي، ولكن كيف يمكن الاستفادة من هذه الروايات وتحويلها لأعمال تلفزيونية تشد المشاهد لأننا في الآونة الأخيرة أصبحنا في أزمة في كتابة النص فأصبح بعض الأعمال التلفزيونية التي تعرض في شهر رمضان المبارك من كل عام هي تقليد لشخصيات عامة هذا بلا شك ينبي عن مرحلة احتضار في كتابة النص، فأيقنت منذ مدة طويلة أنه بالإمكان الاستفادة من الأعمال الروائية المتميزة لتنتقل من الورق إلى أعمال تلفزيونية يقوم بها ممثلون وممثلات على أرض الواقع.
ذكرت في مقال سابق عن الأعمال التلفزيونية التي تعرض في شهر رمضان من كل عام أنها أدت إلى عزوف المشاهد الخليجي، وكذلك العربي عن متابعتها لتكرارها كل عام، ولم يكن هناك أعمال جديدة، وهذه ليست نظرة سوداوية تجاه الأعمال التلفزيونية أو التقليل منها لأني على يقين أن هناك كُتَّابا شبابا وممثلين وممثلات سعوديين وسعوديات قادرين على النهوض بالحركة الفنية؛ سواء المسرح أو التلفزيون متى ما فتح لهم المجال للمشاركة وأكبر دليل ما شاهدناه من أعمال تلفزيونية قام بأدائها شباب وشابات من هذا الوطن لأسماء أول مره تشارك ولفتو الأنظار بأدائهم الرائع، كان هناك عمل تلفزيوني هذا العام مختلف عمل نقله نوعية في تاريخ المسلسلات السعودية الرمضانية تحديداً تم عرضة في شهر رمضان المبارك في 29 حلقة، فأصبح حديث الناس في المجالس العامة والخاصة ومتابع من كافة الأعمار السنية من الجنسين، وكانون يتسمرون أمام أجهزة التلفاز ليلاً انتظاراً لوقت عرض المسلسل، والذي تم عرضة على قناة mbc طيلة شهر رمضان المبارك المسلسل مستوحى من رواية «غراميات شارع الأعشى والتي صدرت عام 2013م» للروائية والكاتبة السعودية في جريدة الحياة سابقاً الدكتورة بدرية البشر.
وشارع الأعشى يعرفه سكان الرياض من كبار السن والذي يعرف حالياً بحي منفوحة، أنا أجزم بأن الدكتورة البشر قدمت عملا أكثر من رائع يحكي حياة وبساطة الناس في الماضي؛ فهذا العمل اكتشف الكثير من المواهب لشباب وشابات مبدعين في الأدوار التي قاموا بها في المسلسل حقيقية اختيار المكان الذي أقيم على أرضه فيه المسلسل «شارع الأعشى» اختيار موفق لما يضمه من بيوت طينية وأسوار تحكي حارات وأحياء مدينة الرياض قديماً، وكذلك أسواق ومحلات تجارية ولهجة مقدمي العمل من الجنسين وملابس الرجال والنساء وهي اللهجة المحلية الدارجة في تلك الحقبة؛ حيث قدمت بشكل متقن وكذلك أثاث البيوت والمجالس قديماً والسيارات التي يتنقلون بها جميعها مترابطة مع بعضها البعض فالعمل حكى الماضي بكل تفاصيل بعيداً أي إضافات قد تؤثر على خط العمل وتفقده قيمته وكأننا نعيش تلك الحقبة حقبة الثمانينات الهجرية من خلال الشاشة اثناء متابعة المسلسل.
العمل أعطى رسالة عن حياة الناس قديماً وتسامحهم ومحبتهم لبعضهم وصفاء نيتهم وتعايشهم ومشاركة المرأة للرجل ومنها البيع والشراء في الأسواق؛ فحلقات المسلسل مترابطة بعضها مع بعض، فما أن تنتهى حلقة حتى يصبح المشاهد والمتابع للمسلسل ينتظر الحلقة القادمة بفارغ الصبر.
دائماً يتحدث البعض عن الزمن الماضي ويصفه بزمن الطيبين لبساطة حياتهم وقربهم من بعض وتساوى الطبقة المعيشية وتقارب الأفكار.
الدكتورة القديرة بدرية البشر من خلال هذا العمل قامت بنقل زمن الطيبين في الماضي الذي كثر الحديث عنه ووضعته بين يدي المشاهد في الحاضر ممن لم يعرف عن حياة الماضي وتفاصيله أي شيء، شكراً لدكتورة بدرية البشر ولكل من قام بهذا العمل الكبير من ممثلين وممثلات ومخرج شكرا ً لقناة كل العرب قناة mbc على تبنيها لهذا العمل وعرضه على قناتها، أنا على يقين بأن هناك أعمالا روائية متميزة لروائيين وروائيات من وطننا الغالي المملكة العربية السعودية يمكن الاستفادة منها لأعمال تلفزيونية في المستقبل. مسلسل «شارع الأعشى» الأميز في رمضان هذا العام بلا منافس وسيبقى حديث الناس وسوف يخلد من ضمن الأعمال التلفزيون على مستوى الوطن العربي.