خالد بن حمد المالك
تواصل أمريكا هجومها الكاسح يومياً على الحوثيين في اليمن، تدمر مخازن أسلحة، وتقتل عدداً من القادة، بينما تتواصل إعلانات الحوثي عن أنه استهدف إسرائيل وحاملات الطائرات الأمريكية في البحر بمسيراته وصواريخه.
* *
الأخبار عن نتائج الضربات الأمريكية شحيحة، وتفتقر إن وجدت إلى التفاصيل المهمة لمعرفة نتائج هذا الهجوم اليومي في تقويض قوة الحوثيين، ومثل ذلك فإن مسيرات وصواريخ الحوثيين لم يظهر لها أي أثر مصور عن وصولها إلى أهدافها.
* *
مثل هذا الهجوم الأمريكي لن يستثني المؤسسات المدنية والمدنيين متى كانت أماكن لتخزين الأسلحة ومنصات لإطلاق المسيرات والصواريخ، أو كان هناك عناصر من الحوثيين مختبئين بين المدنيين، وفي المؤسسات المدنية.
* *
الحوثيون لم يستسلموا، فما زالوا يعلنون عبر وسائل الإعلام عن ردهم على الهجمات الأمريكية، لكن المؤكد أن ما يفعله الحوثيون إنما هو محاولات عبثية قصدوا منها التأكيد على أنهم موجودون، وأنهم لم يتأثروا بما تشنه أمريكا عليهم من ضربات، حتى وإن كان واضحاً أن مقاومتهم ليست لها من أثر لصالحهم.
* *
الصورة تبدو كأن أمريكا تأخرت في القضاء على الحوثيين، لأن ما تقوم به عمل محدود، حتى وهي تشن هجومها بشكل متواصل وعلى مدى ساعات اليوم، فما يُعلن رسمياً لا يتحدث عن تأثير كبير في القضاء على ترسانة الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون.
* *
في المقابل فإن الحوثيين يتحدثون عن أنهم وجهوا مسيراتهم وصواريخهم نحو القوات الأمريكية في البحر الأحمر وإسرائيل، ولكنها دائماً ما تسقط قبل وصولها إلى أهدافها بفضل التصدي لها وهي في الجو قبل أن تكمل رحلتها للإضرار بكل من إسرائيل وأمريكا.
* *
والنتيجة أن الجزء من اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون سوف يتحول بعضه إلى خراب وهدم، وأن جزءاً كبيراً من الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون سوف يتم القضاء عليها، وتالياً سوف يكون الحوثي أضعف مما كان عليه بكثير قبل الهجوم الأمريكي المتواصل.
* *
وإذا ما استمر الهجوم الأمريكي، وظهر تأثر المواطنين بتداعياته في حياتهم اليومية، فإن اليمن مرشح لمظاهرات واحتجاجات تقود إلى إسقاط الحوثيين، وبالتالي تحرك النظام الشرعي لاستعادة ما كان تحت سيطرة الحوثيين، وتوحيد اليمن تحت قيادة واحدة.
* *
هذا التصور قد يتأخر إذا ما استمرت القوات الأمريكية تتعامل مع الحوثيين بمثل ما تفعله الآن، حيث لا ترتقي الهجمات إلى مستوى الحسم السريع لإنهاء سيطرة الحوثيين على جزء من اليمن بدعم من قوى ودول خارجية.
* *
لكن الأكيد أن الحوثيين بعد الهجمات الأمريكية غيرهم قبلها من حيث القوة والتنظيم وحجم السلاح الذي يملكونه، والمساعدات العسكرية التي يتلقونها من الخارج، والمعنويات التي وصلت إلى الشعور لديهم بأنهم أمام مستقبل غامض.
* *
لم يكن أساساً هناك مصلحة لليمن واليميين في إقامة نظامين لإدارة اليمن، واحدة شرعية، وأخرى تمت بانقلاب على النظام، معتمدة على دعم خارجي لإحراق اليمن، والتأثير على الأمن في المنطقة وبين دولها.
* *
ومن المهم أمام هذا التحول أن يكون النظام الشرعي في جاهزية عالية في الوقت المناسب للقيام بدوره في تحقيق أمل المواطنين، لا أن يكتفي بمتابعة التطورات، دون أخذ زمام المبادرة في الوقت المناسب، حتى لا يتحول اليمن إلى فوضى، ومن غير أمن، مع استمرار الحال على ما هو عليه، وربما أسوأ.