بدر الروقي
ليس (للزمنِ) رسنٌ نستطيعُ قِياده نحو ما نؤمِّلُ ونحب، ولا ترويضهُ على حسب ما نتمنى ونرجو.
يجمحُ بنا في مضمار الحياة قافزاً حواجز العمر، ومتخطّياً مسافات الحلم.
نمتطي صهوته؛ مظنَّة أنه - يعْرِفُ - فارسَه!
فما إنْ نضـع آمالـنا داخل ركـاب سبْـقِه وتنافسيته إذا به يتعثَّرُ بنا مرةً فنقولُ: «لكلِّ زمنٍ كبوة»
ويستنهضُ هممنا مرةً فنقول: لابأس فمع الزمن الأصيل نلحق تالي. حتَّى أصبح واقعنا وأحلامنا في ميدانه « كفرسي رهان» شوطاً يصهلُ لنا ملوحاً بعلامات النصر، ومزهوَّاً بتحقيق المراد، وشوطاً يكبح لجام أمانينا لنقف مشدوهين لخذلانه، ونسقط واجمين لتقاعسه.
فبتنا نردِّدُ ما قال أبو العتاهية:
وإنك يا زمان لذو صروفٍ
وإنك يا زمان لذو انقلابِ
هذا ما يجعلنا أكثر تشبثاً به ومسايرةً له؛ لأنه قادرٌ على العدو من دوننا، والركضِ من غيرنا.
فما نحنُ في سجلاتِ مُلكيته إلاّ أصحاب مرحلة، وعناصر تجربة؛ لنا ما حققنا معه من إنجازات، وعلينا ما دُون من إخفاقات.
وفي نهاية المطاف، وعند المنعطف الأخير سيُسْقطنا من كشوفاته مترجلين عن صهوته؛ تاركين ميدانه لغيرنا؛ يتقلبُون فيه حيث كنا بالأمس، ويبدأون معه من الصفر بأحلامٍ عاديات وآمالٍ موريات.