سهوب بغدادي
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير» رواه مسلم. قيل في مثل رقتها وضعفها، وقيل إنها ذات خشية واستكانة، سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير، سالمة من الشدة والقسوة والغلظة والغل والحسد، وقيل في توكلها على الله الرزاق في حديثٍ آخر «تغدو خماصًا وتروح بطانًا».
إنّ بعض الأشخاص في حياتنا كالطير بل «كحمامة السلام» التي تأتي بالخيرات وترتبط بكل أمر إيجابي، فهي رقيقة، وخفيفة، وبهية، وحلوة المعشر، وذات نفع، وبالرجوع إلى القصة المتداولة عن أصل تسمية حمامة السلام وغصن الزيتون، فإن لها رمزية الخير والبشارات، بغض النظر عن كون القصة صحيحة أم لا.
في عام 1949، قام الرسام بابلو بيكاسو برسم لوحة «حمامة السلام» المعروفة باسم «الحمامة»، حيث صممها لمؤتمر السلام العالمي في باريس، ومنذ ذلك الحين أضحت رمزًا متداولًا للسلام والوحدة والأمل.
إنه أمر ليس بالهين أن يكون الشخص حمامة سلام باعتبار أنه سيكون على الأغلب وسيطًا بين طرفين أو أمرين متناقضين في حال البحث والحث على السلام والصلح، فيما قد تتعدد الأطراف المتداخلة وتتسع الدائرة لتشمل أكثر من فرد واهتمام ومصلحة، ليكون بذلك حلقة الوصل، ودالًا على الخير والأحسن، بالتأكيد إن التواجد بالقرب من حمامة السلام جميل، ويبعث على الطمأنينة، إذا لجأت لها كانت لك خير ملجأ وإن طلبتها في أمر كانت لك خير معين، فما بالك لو كنت أنت حمامة السلام المنشودة؟
لكي تكون حمامة سلام عليك أن تقطع شوطًا جسيمًا في الحلم والحكمة ومكارم الأخلاق، حبذا لو كان العلم رفيقًا لما سبق ذكره من خصال وصفات، كذلك أن يكون لديك قدر كافٍ من المرونة للتنقل بين المواضع والأشخاص والمواقف والآراء دون أي مشكلة، أيضًا أن تمتلك مخزونًا جيدًا من الذكاء الاجتماعي والعاطفي، والأهم من ذلك حب الخير للغير والإيثار وقلة الأنانية، «إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا» صحيح الترمذي.
«الطير الذي حطَّ على رأسك ذات يوم لم يكن يريد سماءً بل رفيقًا» - وديع سعادة.