عثمان بن حمد أباالخيل
ألم الأم من عقوق ابنتها لم يكن موجوداً أو نادراً ما كان موجوداً أيام الزمن الجميل. مما يؤسف ويكسر الخاطر ويدمي القلب، اليوم كثرة عقوق البنات لأمهاتهن واحتقارهن وعدم تعظيمهن، فترى البنت تعامل أمها كأنها خادمة والعياذ بالله تنام وتأكل وتلهو وتخرج كأنها تقيم في فندق ولا تراعي مشاعر الأم. تمرد بعض الأبناء وخروجهم على كثير من القيم والعادات الاجتماعية، متأثرين في ذلك بحالة من الإعجاب و»الهوس» أحياناً بالمجتمعات الأخرى. والأدهى من ذلك أن بعضهن يغلقن الهاتف الجوال في وجوه أمهاتهم وربما تم حظرهن من التواصل. يا للأسف الشديد بدأت بعض الأمهات يرددن بنتي متمردة وعاقة لا تسمع كلامي، ولا تراعى وجودي بالمنزل وتخرج من البيت دون علمي ولا أعرف متي عودتها.. لا شك أن هذه البنت عاصية لله عاقة لأمها معرضة نفسها للوعيد الشديد. وقد نهى الله عز وجل عن ذلك بقوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) (23) سورة الإسراء. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات). متفق عليه.
إن سلوكيات بعض البنات العاقات تجعل الأم المسكينة تعاني من هذا التمرد الذي يحْزن ويقلق. اليوم أصبحت الفتاة التي تجاوزت مرحلة المراهقة وأصبحت في مكتمل العمر مصدر الإزعاج والانزواء لأمها في بعدها عن الاختلاط في مجتمعها وسماع عبارات جارحة أحياناً من محيطها. ألا تعلم هذه الفتاة العاقة لأمها أن كلمة أم صغيرة وحروفها قليلة لكنها تحتوي على أكبر معاني الحب والعطاء والحنان والتضحية، وهي أنهار لا تنضب، ولا تجف ولا تتعب ولا تمل من عودة البنت العاقة إلى رشدها. هذا العقوق وهذا التجاهل حين ترى ابنتها دائماً لا تستمع إلى كلماتها وإلى نصائحها، وتصبح عاجزة عن إيجاد الحل السليم أو إيجاد حالة من التوازن وربما قد تتعرض صحة الأم للخطر. يقول الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدة العلم والأخلاق:
«الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق»
البنت المتمردة تطلب من أمها أن تخرج وتذهب وترجع في أي وقت مع صديقاتها، إنها كارثة تعاني منها بعض الأمهات المغلوبات على أمرهن. هذا كله في غياب دور الأب الذي يتجاهل ما يحدث. الأم التي تعيش هذا التمرد تسعي بشتى الطرق إلى البحث عن طرق الإصلاح التي تعيد ابنتها إلى حضنها، لكن بعض الفتيات يفضلن التمرد والخروج عن دائرة الأمومة والدخول في دائرة الصديقات اللاتي من نفس طينتها. (واخضع لأمك وأرضها فعقوقها إحدى الكبر) الإمام الشافعي رحمه الله.
أتوقف هنا عن الكتابة فقد ذرفت دموعي وازدادت دقات قلبي فالعقوق مفعم بالشقاء والنكران.
نصيحة للفتاة العاقة: (عودي أيتها الفتاة العاقة إلى رشدك فالأم نعمة من الله لا يمكن تعويضها).