د.محمد بن عبدالرحمن البشر
يمكن للدول استخدام أسلحة متعددة في نيل مرادها من بعضها البعض، فالسلاح التقليدي موجود ومستخدم، والسلاح النووي موجود للردع وغير مستخدم، وسلاح المقاطعة موجود ومستخدم، والدولار سلاح من الأسلحة استخدم في مرات عديدة وما زال يستخدم، ومعظم هذه الأسلحة أعطت أكلها، وحققت نتائج مرضية لبعض الأطراف، لكن من يملك هذه الأسلحة هي الدول الكبيرة، وغير متاحة إلا بقدر وبشروط لدى الدول غير المتقدمة عسكرياً، ولهذا فهي في كثير من الأحيان تجبر على التنازل عن حقوقها السيادية أو مواقفها السياسية، أو حتى مصالحها الاقتصادية، ولا شك أن استخدام السلاح التقليدي يصاحبه الكثير من دمار البنية التحتية، وإزهاق الأنفس، والتأثير السلبي على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وقد يصاحبه انتشار الفقر والهجرة أو التهجير، وربما التغير أو التغيير الثقافي، وكلنا يعرف أن السلاح النووي لم يستخدم إلا مرة واحدة في التاريخ أثناء الحرب العالمية الثانية.
الرئيس الأمريكي ترامب يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تقع تحت ظلم الأصدقاء والحلفاء والمنافسين على حد سواء لسنين طويلة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لابد لها من اتخاذ إجراء قاس لإيقاف ذلك الحيف، فالولايات المتحدة لديها عجز كبير جداً مع منافسها الأول وهي الصين، يقرب من ثلاثمائة مليار دولار، ولديها عجز تجاري كبير مع كندا، والاتحاد الأوربي، والمكسيك والهند، وهي ترى أن نحو عشرين في المائة من صادرات الاتحاد الأوروبي تذهب إلى الولايات الأمريكية مع عجز تجاري كبير لصالح الاتحاد، ورسوم أعلى؛ لهذا لابد من تصحيح الوضع حتى لو جزئياً، ومثل ذلك كندا والمكسيك.
الولايات المتحدة لديها عجز دائم في ميزانيتها، ولديها دين أكثر من أربعة وثلاثين ترليون، وهي أكبر مديونية في العالم، ويشكل تسديد الدين نسبة كبيرة من الميزانية التي تعجز الإيرادات الحكومية عن تقليص ذلك العجز أو تحقيق فائض لتسديد الدين المتراكم، لكن علينا أن نعلم أن الدين على الولايات المتحدة الذي يشكل نحو مائة وعشرين في المائة من إجمالي الإنتاجي الوطني لا يجعلها في موقف حرج، فلديها المطبعة، وكذلك اعتماد الدول على الدولار في تبادلها التجاري الذي يمثل الدولار ثمانين في المائة من عملة التبادل التجاري، ناهيك عن أن كل دولار يتم تبادله ذهاباً واياباً لابد له من مرور البنوك الأمريكية لتحلب منه نسبة لا بأس بها تضيف للبنوك الأمريكية أموالاً طائلة جداً.
تحت ظل هذه الظروف اتخذ الرئيس الأمريكي قراره الصعب والحاسم، وفي رأيي أن فكرة عمل توازن مقبول في نسب التعرفات الجمركية مطلب معقول ومنصف، لكن قد تكون هذه الطريقة وشموليتها لكل دول العالم مرة واحدة تحتاج إلى مراجعة، فقد كان أثرها السلبي الآني واضحاً على الأسواق، وأسعار البترول، والتوقعات السلبية للنمو العالمي، وتقليص التجارة البينية المستقبلية، وهذا قد يصححه الزمن لكن لاشك أن له ضحايا.
بقي أن نعرف أن هناك دولاً أعلنت أن تتعامل بالمثل مثل الصين، وهناك دول رأت أن التفاوض هو الأنسب لها بدلاً من المواجهة مثل تايوان وإندونيسيا والهند، وهناك دول صامتة كثيرة. وستكشف لنا الأيام القادمة كثيراً من الأحداث الاقتصادية المثيرة.