خالد بن حمد المالك
سيكون يوم غدٍ السبت يوماً مفصلياً في الصراع الأمريكي الإسرائيلي مع إيران، فبينما تحشد أمريكا قوات غير معتادة بالمنطقة، وبالقرب من إيران، وتهدد بأنه لا خيار عن الهجوم عليها بالاشتراك مع إسرائيل إذا ما فشلت المباحثات في إخراج صيغة توافقية تقبل بها كل من أمريكا وإسرائيل.
* *
الثنائي الأمريكي الإسرائيلي يصر على تفكيك الأجهزة الإيرانية للمفاعل النووي، ومنع طهران من امتلاك قنبلة نووية، ويتراوح تهديد الثنائي لإيران بين الحزم أحياناً، ومحاولة إغراء طهران بالتوافق على صيغة تحفظ لإيران مكانتها، ولكن دون مفاعل نووي أحياناً أخرى.
* *
الخلاف بدأ قبل موعد اجتماع السبت، فبينما ترى إيران أن المباحثات يجب أن تبدأ بشكل غير مباشر للتأكد من النوايا الأمريكية الإسرائيلية، وتزيد على ذلك بأن التخلي عن السلاح النووي يجب أن يسبقه رفع العقوبات، فيما ترى أمريكا التي تركت إسرائيل الملف لها أن المباحثات ينبغي أن تكون مباشرة حتى لا يطول الوقت بين أخذ ورد.
* *
ولا يوجد وسيط يُقرِّب وجهات النظر، فسلطنة عُمان اختيرت فقط كمكان للمباحثات، ولا شأن لها بما سوف يجري، ومن المهم التذكير بأن أمريكا وإسرائيل وإيران لا ترغب في حرب، لكن تمسُّك كل طرف بشروطه يجعل الاتجاه إلى استخدام القوة والقوة المضادة أمراً وارداً، ما لم يتراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن حِدّة تهديداته، ويكتفي بمزيد من العقوبات الاقتصادية ضد إيران.
* *
على أن ثمن الحرب سيُعرِّض إيران وأمريكا وإسرائيل إلى خسائر كبيرة، وربما لامست هذه الحرب دولا أخرى بالمنطقة ليست طرفاً في هذه الحرب من قبل الطرف الإيراني، غير أن طهران ليست بذات القوة لمواجهة أمريكا وإسرائيل وأي دولة بالمنطقة قد تتعرض لعدوان من إيران للانتقام منها دون مبرر.
* *
وكل ما نتمناه أن تتجاوب إيران مع المطالب الدولية بالتخلي عن التخصيب لصناعة قنبلة نووية، لأن أمريكا لن تسمح لها بذلك، وسوف تكون الحرب بأثمانها الغالية إذا ما اشتعلت، وهناك خسائر إضافية لإيران دون أن تتمكن من المحافظة على مواقعها وأسلحتها النووية.
* *
كما نتمنى على الرئيس الأمريكي أن يهدِّئ من تهديداته، وعنفوان كلامه، ويترك مساحة للحوار، ولا يستسلم لآراء ومقترحات وتوجهات رئيس وزراء إسرائيل، الذي هو من يقود الفوضى والدمار بالمنطقة، ولا يتعامل بلغة الحوار لتجنب ما تتعرض له المنطقة من فوضى وغياب للأمن والتدمير الشامل لمواقع حروبه في فلسطين ولبنان وسوريا.
* *
المنطقة تمرُّ بأزمة، ونزع فتيلها لا يتم باستخدام القوة، ولا بتجاهل القوانين الدولية، ولا استثمار الوضع الهش بالمنطقة للاستيلاء على أراض في دول مجاورة لإسرائيل، وما لم تستخدم أمريكا قوتها ودورها لإجبار إسرائيل على تجنب التصعيد، بدلاً من تعضيدها ومساندتها في هذا العدوان، فإن المنطقة مرشحة لما هو أسوأ، وهذا ما يجب أن يستوعبه البيت الأبيض قبل غيره.