سلمان بن محمد العُمري
لا يخفى على كل ذي لب وعقل أن التعاون على البر والتقوى قربة عظيمة إلى الله تعالى، وجاءت تعاليم ديننا الإسلامي حاثة على التعاضد والتكاتف لغايات كريمة وقواعد راسخة متينة لبث الألفة والمحبة والأخوة بين الناس، قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، ويقول خير البشرية -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»، وشبَّك بين أصابعه. ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».
وأعمال الخير كثيرة متعددة جاءت في كتاب الله الكريم وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك «القرض الحسن» على الرغم من تزهيد الإسلام للاقتراض، وبنفس الوقت فإنه يضع الحلول لتقديم القروض عندما يصبح ذلك أمراً لا مناص عنه.
إن فك كربات المسلمين أجره عظيم عند الله -عز وجل-، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «مَنْ أَنْظَر مُعْسِراً أوْ وَضَعَ لَهُ، أظلَّهُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ»، وما أجمل القرض الحسن لقريب، وذي رحم أجر القرض وأجر البر بالرحم، ولو قام إنسان بتقديم سلفة أو قرض لآخر كأنه يتصدق يوميًا بمثل هذا السلف، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن أنظَرَ مُعسِراً كان له كُلَّ يَومٍ صَدَقةٌ، ومَن أنظَرَه بعدَ حِلِّه كان له مِثلُه في كُلِّ يَومٍ صَدَقةٌ» رواه أحمد وغيره.
وأحكام الشريعة وتعاليم الإسلام حاثة على الرحمة والألفة والمحبة والمودة، وبمثل إنظار المعسر والصبر عليه ترغيباً في إعانة المسلم لئلا يلجئه إلى التعامل بالربا المحرم الذي يوبق عليه كسبه ويؤذنه بحرب من الله ورسوله، ويضيِّق عليه أمره، ويوقعه في الحرج، والترغيب-أيضاً- في القرض الحسن، وبإمهال المعسر والتجاوز والوضع عنه، فهنيئاً لمن حصل على هذا الأجر العظيم، وما أجمل الفضل والتراحم والتعاون بين الناس، وما أعظمها من أجور، وكم فيها من الخير والبركات الدينية والدنيوية.
هناك قلة قليلة من المحسنين الذين أنعم الله عليهم خصصوا لهم وقفاً باسم «القرض الحسن»، كما يوجد وقف القرض الحسن الذي يقوم بالإقراض الحسن في ضروريات الحياة لأهل الحرم المكي الشريف، مع المتابعة الجادة في تحصيل القروض وفق منهجية مؤسسية.
ولعله من الأهمية بمكان أن تسعى المؤسسات الوقفية وأهل المال والثراء في الحرص على «وقف القرض الحسن».
إن وقف «القرض الحسن» يعد مشروعاً تنموياً بلا منازع، ويحتاج إلى تبنِّيه من قبل الوزارات المختصة بالتعاون مع المؤسسات الخيرية لتأطيره ووضع أدلة منظمة له، ولو تم تطبيقه من الجهات والمؤسسات الخيرية بالتعاون مع الموسرين من أهل المعروف لكان فيه خيراً كثيراً، وكما ذكر أحد الباحثين أنه لتفعيل «القرض الحسن»، فهناك حاجة للتحول من منح بعض الفئات إلى إقراضهم قرضاً حسناً، وهو ما ستعمل على إكسابهم مهارة التدبير المالي مع تلبية احتياجاتهم، كما أن الحاجة أصحبت ملحه، لاستحداث مؤسسات مالية للقطاع: «بنك الأوقاف»، وأنه في ظل رؤية 2030 سيكون التفاؤل كبيراً باستحداث مؤسسات مالية تمويلية للقطاع الثالث، تمنح القطاع فرصاً أرحب من مجرد الاعتماد مع الموقوفين، والبنوك التجارية.
ومن هنا يمكننا القول إن الوقف النقدي المؤقت يمثل فرصة كبيرة للكثير من الأفراد والمؤسسات نتمنى أن يتم النظر فيه ودراسته من هـيئة كبار العلماء لما يمثل من خير كبير للصالح العام.