يتضمن التحوّل في قطاع الطاقة خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري؛ لذلك، من المتوقع أن يشارك قطاع النفط والغاز في ابتكار حلول تسهم في تطوير قطاع الصناعة، مدعومة بالتطورات التقنية بهدف تقليل الانبعاثات، ومع ذلك، قد تتطلب بعض الجوانب تركيزًا خاصًا مثل تطوير مواد ذات انبعاثات كربونية أقل خاصة تلك الناتجة عن تصنيع واستخدام المنتجات التي تشكّل جزءًا من حياتنا اليومية. وفي أرامكو السعودية ندعم تحولًا واقعيًا ومتوازنًا في مجال الطاقة العالمية يتضمن بالتزامن تحولًا في مجال المواد.
ومع التوقعات بوصول عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة بحلول عام 2060م، واحتمال زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي أربعة أضعاف، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة والوقود وزيادة المواد التي تحتاجها البنى التحتية والسلع.
تنامي الطلب
من المتوقع أن يزداد الطلب على المواد في قطاع البناء والتشييد إلى أكثر من الضعف بحلول عام 2060م مقارنة بعام 2011م، في الوقت الذي يُسهم إنتاج المواد، واستخدامها، والتخلص منها في نحو ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، وهذا قد يتطلب بذل مزيدٍ من الجهود من خلال تقليل استخدام المواد، واستبدال المواد كثيفة الانبعاثات ببدائل أكثر متانة، وأكثر اعتمادًا على النهج القائم على التدوير.
وفي الوقت نفسه يمكن للمواد القائمة على البتروكيميائيات أن تدعم البنية التحتية للطاقة المتجددة بـ ما بين 8 إلى 11 طنًا من هذه المواد، وتُعد المواد المركبة المتطورة مثل: ألياف الكربون، أكثر صلابة وأخف وزنًا من الفولاذ، ويمكن أن تُسهم في جعل السيارات والطائرات أكثر متانة وأخف وزنًا، مما يمكن أن يقلل من استهلاك الطاقة. كما يتيح للبوليمرات المعززة بألياف الكربون أن تقلل وزن شفرات توربينات توليد الطاقة من الرياح بنحو 30 % مع زيادة في الصلابة وتحسين الأداء الديناميكي للهواء, مما يمكن له أن يعزز كفاءة الطاقة.
نهج مبتكر
وفي أرامكو السعودية نطمح لتوسيع عملية استبدال خطوط الأنابيب المصنوعة من الفولاذ الكربوني بخطوط أنابيب مصنوعة من البوليمرات المتطورة، والتي تتميز بعمر أطول، وسهولة التركيب، وتطلق انبعاثات أقل خلال الإنتاج. كما نواصل استكشاف إمكانية استخدام المواد اللامعدنية في قطاعات متنوعة، مثل: الصناعات الرئيسة، والسيارات، والتغليف، ومصادر الطاقة المتجددة.
وتعكف الشركة حاليًا في مختبراتها على تطوير حلول مبتكرة للمواد البديلة، كما أن الشركة جزء من تعاون عالمي أوسع يضم بارزين آخرين في هذه الصناعة، وجامعات، ومصنعين. فقد أنشأت أرامكو السعودية ثلاثة مراكز للتميّز في كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، والصين، بهدف دعم السوق لحلول المواد الجديدة التي تعزّز إعادة التدوير، والمنهج التدويري لتقليل النفايات. ونؤمن بأن هذه الجهود ستكون ضرورية لنجاح التحول العالمي في مجال الطاقة.
ويمكن للتقنيات الجديدة أن توفر فرصًا هائلة لتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في تصنيع المواد واستخدامها والتخلص منها. فعلى سبيل المثال يُمكَّن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد تصنيع المنتجات في الموقع مع تقليل النفايات.
توسيع نطاق الأعمال
حاليًا، قد تبدو المنتجات والتقنيات الجديدة أكثر تكلفة من البدائل التقليدية، ما يمثل عقبة أمام التوسع، لذلك فإن توفير أحجام اقتصادية قد يدعم تمكين الإنتاج الكمّي بتكلفة أقل، ويحتاج المستخدمون النهائيون للمواد أيضًا للمشاركة الكاملة والاقتناع بالأمثلة التجارية العملية لتبنّي الحلول البديلة.
النائب الأعلى للرئيس للخدمات الهندسية في أرامكو السعودية
** **
- خالد القحطاني