مرفت بخاري
سبحانك ربي ما أعدلك، سبحانك ما أكرمك وما ألطفك، تكرمنا وتيسِّر أمرنا وتسخِّر لنا الأرض ومن عليها، ونظن أننا أحسنا الخيار وأحسنا الطريق واجتهدنا وحصدنا ثمار النجاح لأننا نستحق، وفي حقيقة الأمر لولا فضل الله ورحمته لكان كل ما نقوم به هباءً منثوراً، فالرجل في بيته يقوم بكل واجباته ويقدم كل ما يستطيع من وقت وجهد وحب وعطاء، إلا أنه يُبتلى بزوجة تمردت على نصيبها وتراه لا شيء أمام جمالها أو أمام طموحها؛ فيتولد لديها التمرد والجحود والعصيان، وتقع في المحظور وتذهب لطريق الهلاك وتعلن الخلع وإذا كانت أرحم تلجأ لطلب الطلاق فتهدم ما بنى، وما ظن أنها سكينة يصعق بواقع مرير بأنها أصبحت جحيماً.
حقيقة الأمر، لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير، نعم من لطف الله على هذا الرجل أن أبعد عنه من لا يستحق، وكشف له وجوه الحقائق، من حسن حظه أنه أدرك أن أعمدة هذا البيت لم تكن باتجاه قبلة السعادة والسكينة والأمان، فإعادة ضبط الحياة على أسسها الصحيحة في سنوات مبكرة أفضل بكثير من تغييرها بعد ما يشتعل الرأس شيباً، فبعد هذا العمر كل اختيار صعب، واتخاذ القرار يكون مبنياً على الخوف لا الحب، فكلما تقدم بنا العمر صَعُب التأقلم على طباع الآخرين، وأدركنا نعمة العزلة والتخلي عن فكرة الارتباط برجل لا تنتمي له فكراً وروحاً وجسداً، هناك عدة أمور تجعل جميع الأطراف على يقين بحسن الخيار وأنهم في طريقهم الصحيح، المؤشر الحقيقي الذي يجعلك تتيقن من وجودك في الطريق الصحيح هو بيتك، هل تشعر بقمة السعادة والأمان فيه، هل تراه الوجهة الأفضل في العالم، هل تشعر أن وجودك ببيتك هو مصدر قوتك وحبك، ومشاعرك تتدفق فيه بكل ثقة وحب وبكل إيمان وبكل يقين، تعشق سويعاته فيه وبأهله؟
هنا فقط تأكد بأنه بيت السعادة والهناء، فوجودك ووجود شريك حياتك هنا سيكون في قمة التناغم وقمة الحب وقمة الأمان، وصدقاً هنا يتجلى المعنى الحقيقي للطف الله بأن منّ علينا ببيوت جدرانها الستر وأسقفها الطمأنينة والقناعة وأعمدتها الحب الصادق النابع من القلب، وتقديم مصلحة أهله على مصالح الآخرين، فقط عندما تشعر بأن البيت وأهله هم قمة سعادتك ويشعرون بذات الشعور حبًا وانتماء، فنجان قهوتي اليوم بنكهة الحرص احرص على بيتٍ تختار أن تمضي وقتك فيه بكل حب وسعادة عن بقية الأماكن، احرصوا أحبتي على نشر ثقافة الاحترام المتبادل بين الزوجين، فالبيت هو اللبنة الأولى لمجتمع صحي ومجتمع واعٍ مدرك يصنع تاريخه بفخر.