أحمد آدم
أثار جدلاً كبيراً منذ بداية حملته الإعلامية للترشح للرئاسة الأمريكية من خلال آرائه التي أعلنها عن العديد من القضايا، وقد أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 7 يناير بعد مصادقة الكونجرس على فوزة بالانتخابات جدلا كبيرا وضجة إعلامية ضخمة في كل دول العالم إذ تحدث ترامب علانية عن استخدام القوة العسكرية الأمريكية لاستعادة قناة بنما، والمطالبة بالاستحواذ على جزيرة جرينلاند واصفاً كليهما بالأمرين الحاسمين للأمن القومي الأمريكي، كما هدد باستخدام الضغوط الاقتصادية لإجبار 40 مليون كندى على رؤية بلادهم تهبط إلى مرتبة ولاية أمريكية، ودعا إلى تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا. واستهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية بسلسلة من الأوامر التنفيذية التي أثارت جدلا واسعا متناولا قضايا داخلية ودولية ووقع ترامب على أوامر في أول أيام رئاسته تضمنت تحولات شاملة عن سياسات سلفه جو بايدن، بينها الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، ولرغبة ترامب في تسارع نتائج قراراته استخدم القرارات التنفيذية بصورة مكثفة كوسيلة مباشرة لإنفاذ قراراته الرئاسية والأمر التنفيذي هو عملياً مرسوم يصدره الرئيس الأمريكي وفقاً لصلاحياته الدستورية باعتباره السلطة التنفيذية المنتخبة مباشرة من الشعب الأمريكي وللأمر التنفيذي قوة القانون.
أولا: قرارات وتصريحات تناولت قضايا دولية
وقد طلب ترامب من بنما بعد توليه الرئاسة عدة مطالب أبرزها:-
مراقبة قناة بنما، وهى ممر مائي إستراتيجي وحيوي للتجارة العالمية وتسعى الولايات المتحدة إلى ضمان عدم وقوعها تحت تأثير قوى معادية خاصة الصين، وقد أثارت الإدارة الأمريكية بعد تولى ترامب مخاوف بشأن تزايد النفوذ الصيني في بنما، وخاصة فيما يتعلق بإدارة الموانئ الواقعة على جانبي القناة.
هذا بخلاف مطالب ترامب بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية إذ تعتبر بنما نقطة عبور رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون للوصول إلى الولايات المتحدة، وكذا مكافحة المخدرات فتعتبر بنما نقطة عبور رئيسية لتهريب المخدرات من أمريكا الجنوبية إلى الولايات المتحدة، وتسعى الولايات المتحدة إلى الحد من النفوذ الصيني المتزايد في أمريكا اللاتينية، وقد وافقت محكمة بنما على مراجعة الامتياز الممنوح لشركة تابعة لسي كيه هاتشيسون القابضة لتشغيل الموانئ على طرفي قناة بنما ويأتي هذا بعدما أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخاوفه من أن الشركة تعمل لصالح زيادة النفوذ الصيني بالممر المائي.
بشكل عام تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على نفوذها في بنما وتعزيز التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الجريمة.
كما طلب ترامب من جرينلاند بعد توليه الرئاسة عدة مطالب أبرزها:- تعتبر جرينلاند ذات أهمية استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة بسبب موقعها الجغرافي في القطب الشمالي فمع ذوبان الجليد في القطب الشمالي ستزداد أهمية المنطقة للملاحة البحرية والتجارة، وتسعى الولايات المتحدة إلى تأمين مصالحها في هذه المنطقة بالإضافة إلى الأهمية العسكرية التي تتمثل بوجود قاعدة ثول الجوية الأمريكية في جرينلاند، وتمتلك جرينلاند موارد طبيعية هائلة مثل المعادن النادرة والنفط والغاز وتسعى الولايات المتحدة إلى تأمين الوصول إلى هذه الموارد إذ تعتبر المعادن النادرة مهمة للتكنولوجيا الحديثة وتسعى الولايات المتحدة إلى تقليل اعتمادها على الصين في الحصول على هذه المعادن كما تسعى الولايات المتحدة إلى مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في القطب الشمالي فالصين تقوم بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية في جرينلاند وتسعى الولايات المتحدة إلى تقديم بدائل لهذه الاستثمارات.
فهل الفوضى التي أثارها ترامب كان يهدف منها:
(1) الحد من نفوذ الصين بتحكمها في معادن مهمة للتكنولوجيا الحديثة فهناك اتفاقية تتم بين أمريكا وأوكرانيا تتضمن إنشاء صندوق لإعادة اعمار أوكرانيا وستديره الدولتان بشكل مشترك هذا الصندوق سيطلق مشاريع داخل أوكرانيا في مجالات مختلفة بما فيها مجال التعدين وينص الاتفاق أيضا على مساهمة أوكرانيا بمبلغ 500 مليار دولار في هذا الصندوق على أن تسهم الولايات المتحدة بنصف هذا المبلغ أي 250 مليار دولار، ومسودة الاتفاق تدعو أوكرانيا إلى تحويل 50% من أرباحها من المعادن والنفط والغاز أيضا إلى هذا الصندوق وتبلغ قيمة الاحتياطيات الأوكرانية من المعادن النادرة والليثيوم ما يتراوح بين 3,0 و11.5 تريليون دولار، أيضا تمتلك أكبر احتياطيات التيتانيوم في أوروبا بنسبة 7 % من الاحتياطيات العالمية وتحتل أيضا المرتبة الخامسة عالميا في إنتاج الغاليوم المستخدم في أشباه الموصلات والصمامات الثنائية الباعثة للضوء.
(2) التحكم في ممرات تجارية مهمة يمكن بها أن يحد من قدرات الصين التجارية وترامب يتعاون الآن مع روسيا وانصاعت له بنما وستنصاع جرينلاند في حالة رغبته في فرض حصار اقتصادي على الصين وأعتقد انه لولا معاناة قناة السويس من هجمات جماعة الحوثي على السفن المارة بالبحر الأحمر من جهة باب المندب لتحدث ترامب عن قناة السويس.
خصوصا، وأن غريمه بايدن كان يرى أن العديد من الإجراءات التي اتخذها ترامب وقت ولايته الأولى والتي كانت تهدف إلى قطع العلاقات بين الاقتصادين الصيني والأمريكي خرقاء ومكلفة وغير استراتيجية، وكان يصرح بأنه يريد اتباع نهج أكثر ذكاء يجمع بين العمل مع الصينيين في بعض القضايا مثل الاحتباس الحراري والوباء بينما يتنافس معهم على القيادة التكنولوجية ومواجهتهم في قضايا أخرى مثل التوسع العسكري وانتهاكات حقوق الإنسان و التجارة غير العادلة. قد يكون أسلوب جو بايدن أقل شراسة من دونالد ترامب لكن الرئيس بايدن كان يرغب في تضييق الخناق على الصين في ما يتعلق بالتجارة وحقوق الإنسان والأمن وقد كان بايدن خلال تعامله مع الصين ذا نبرة متزنة رغم أن بايدن كان يشكل تهديدا جيوسياسيا أكثر حدة بالنسبة إلى بكين.
خاصة أن بايدن قد روج للمصالحة والشراكة لتكوين تحالفات من أوروبا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أجل بناء جبهة موحدة ضد طموحات الصين التكنولوجية والتجارية والأمنية. ولكن الظروف الداخلية وكذا الخارجية لم تساعده على تحقيق ذلك خاصة وأن روسيا كانت دائما ما تهدد نجاح هذه التحالفات.
ترامب بعد توليه سدة الحكم في 20 من يناير الماضي أصدر مجموعة من القرارات في مجالات عديدة أبرزها السياسة الخارجية والأمن والهجرة والاقتصاد هذه القرارات المتعددة والسريعة أدت لحالة من الجدل الكبير داخليا وخارجيا، وقد أظهر منذ أيامه الأولى في السلطة عزمه على إحداث تحولات استراتيجية في السياسة الأمريكية في ملفات في غاية الأهمية في مقدمتها حرب أوكرانيا وحرب غزة والوضع في الشرق الأوسط والسياسة التجارية العالمية.
* بدأ ترامب تدخله في حرب غزة مبكرا وقبل بدء تسلمه لسدة الحكم ولعب دوراً كبيراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وساهم بصورة فعالة في وصول إسرائيل وحماس إلى الاتفاق الذي لم تنجح إدارة بايدن في الوصول إليه رغم أنها حاولت ذلك على مدى أشهر طويلة.
إلا أن ترامب قد فاجأ العالم بمقترح تهجير الفلسطينيين من غزة وإرسالهم إلى الأردن ومصر إذ أعاد ترامب ترديد تلك الفكرة ولم يتردد في الحديث عن نيته بإخراج الفلسطينيين عندما استضاف ملك الأردن عبد الله الثاني في البيت الأبيض.
-يتبع-