عايض بن خالد المطيري
يعود صناع التأثير الحقيقي إلى مدارسهم بعد قضاء إجازة عيد الفطر المبارك، حاملين رسالة العلم والمعرفة، ومستقبلين أبناءهم وبناتهم الطلاب بروح العطاء والتفاني. إنها لحظة تستحق التقدير والامتنان لكل معلم ومعلمة يبذلان جهدًا استثنائيًا، ليس فقط في تدريس المناهج، بل في إلهام العقول، وتحفيز الطموحات، وبناء شخصيات قادرة على مواجهة المستقبل.
فدورهم يتجاوز حدود الفصول الدراسية، حيث يستمرون في أداء رسالتهم السامية رغم كل التحديات، واضعين نصب أعينهم مسؤولية إعداد أجيال تحمل لواء العلم والإبداع.
ورغم الدور المحوري الذي يلعبه المعلمون والمعلمات، فإن بيئة العمل التي يعملون فيها لا تحظى بنفس القدر من التقدير والراحة التي تتوافر في العديد من المهن الأخرى.
ففي معظم القطاعات، يتمتع الموظفون ببيئات عمل مريحة، حيث يجلسون على مكاتب مجهزة بأحدث التقنيات ووسائل الراحة، بينما في مجال التعليم، يبقى المعلمون والمعلمات هم الفئة الوحيدة التي تقف طوال ساعات العمل، في حين يجلس جميع المستفيدين. هذه الصورة ليست مجرد مشهد رمزي، بل واقع ملموس يعكس الجهود البدنية التي يبذلها المعلمون والمعلمات يوميًا.
يقف المعلمون والمعلمات طوال الحصة الدراسية، يبذلون جهدًا بدنيًا وعقليًا للحفاظ على تفاعل الطلاب وضمان استيعابهم للمادة التعليمية. وبينما يحصل الطلاب على التعليم في وضع مريح، يظل المعلم مرهقًا جسديًا وعقليًا في مهمة تتجاوز نقل المعرفة إلى دور تربوي وإرشادي يسهم في تشكيل قيم وأخلاقيات الطلاب. ولا شك أن هذا الجهد المستمر يؤثر في الحالة النفسية للمعلم، الذي قد يشعر بالإرهاق نتيجة ضغط الأداء اليومي.
في ضوء هذا الواقع، يبرز السؤال الأهم: هل يحظى المعلمون بالتقدير الكافي؟ الحقيقة أن المعلمين والمعلمات يحتاجون إلى تقدير يتجاوز العبارات اللفظية. فإلى جانب التقدير المعنوي، يتطلب الأمر تحسين ظروف العمل، من خلال توفير بيئة تعليمية مريحة وصحية تساعدهم على أداء مهامهم بفاعلية. كما يستحق المعلمون نظام تأمين صحي مميز يضمن لهم الرعاية اللازمة، تقديرًا لدورهم الجوهري في بناء مستقبل الأجيال، ولا سيما المتمكنين الحاصلين على أداء عمل متميز.
ولا شك أن رفع مستوى تقديرهم في المجتمع مسألة بالغة الأهمية. فهم ليسوا مجرد ناقلي معرفة، بل صُنّاع المستقبل الذين يزرعون بذور العلم والقيم في عقول الأجيال القادمة. فكل عام والمعلمون والمعلمات بخير، وعودًا حميدًا لكم أيها الواقفون بثبات، تبذلون أقصى ما في وسعكم لصنع مستقبل مشرق لأبنائنا ووطننا.