أحمد المغلوث
لا يختلف اثنان في عالمنا العربي والإسلامي وحتى الغربي. أن «الحضارة الإسلامية» أقدم حضارة أضاءت فأنارت العالم حتى يومنا هذا، كما وصفها العشرات من المستشرقين الذين تعلموا اللغة العربية ودرسوها بل وكتبوا عنها رسائل الدكتوراة، وأسلم بعضهم وراح بعضهم يدرس في بلاده ما تعلمه من الحضارة العربية، وكثيرون منهم أنصفوا حضارتنا المتجددة، ولله الحمد، ومن أشهرهم «فاسيلي بارتولد» وهو يعد أكثرهم غزارة في الإنتاج والترجمة، حيث إنه ألف أكثر 400 كتاب ودراسة حول الحضارة الإسلامية ودورها في تطور وتنمية الثقافة الغربية، فكانت مؤلفات فاسيلي التي بلغت حسب المراجع العلمية والمواقع البحثية ولا يمكن نسيان كل من ديلاكروا، وادواردلير، وجان أوغست، جين اتيان، وغيرهم كثير لا تتسع لهم هذه الزاوية.
ومن الجدير بالذكر أن حركة الاستشراق كان خلفها هدف الاستعمار من أجل الحصول على كل ما يفيد توجهات بريطانيا لمعرفة المزيد عن الشرق وتعزيز الاستعمار بفهم أصحاب الدار وكسبهم من خلال الحديث بلغتهم، ودراسة عاداتهم وكل ما له علاقة يفيد توجهاتهم الاستعمارية التي قادتهم لتوسيع أهدافهم عبر تدريس كل ما عرفوه وتعلموه من أهل الدار في الشرقين الأوسط والأقصى من لغات وعادات ونقلوها إلى جامعاتهم ومعاهدهم، وحتى تعليم بعض من أفراد قواتهم وطلبة العلم في المدارس العليا.
من هنا، ورُب ضارة نافعة، هناك من تأثر بما تعلمه من علوم العرب والمسلمين والدين الإسلامي وبعدها انحاز للإسلام وتراثه وعلومه، بل راح ينشر ما تعلمه في بلاده وغير بلاده، وربما يسأل البعض منا متى بدأ الاستشراق، أو بمعنى أدق.. الزمن الذي وجد طريقه للعالم الغربي، لاشك أن ذلك يعود إلى تاريخ قديم حيث تشير النقوش والرسوم التي عثر عليها وألقيت في المقابر والقصور أن التواصل كان موجودا بين الشرق والغرب وربما البعض منا سبق له وأن سمع عن طريق الحرير الذي كان يصل أهل الصين مرورا بدول إسلامية وصولا إلى أوروبا.
هذا، وفي بحثي لشهادتي الجامعية وكان بعنوان (أثر الفن العربي في الفن الغربي) ذكرت فيه: كان الاتصال بين الشرق والغرب موجودا من زمن قديم، قبل الاتصال الذي حدث في سنوات الحروب والفتوحات الإسلامية وحتى الاستعمار، فهناك طرق سلكها أبناء الشرق للوصول إلى تلدوا والممالك الأوروبية من أهمها التجارة والحجاج الأوروبيون لبيت المقدس والرحالة الغربيون الذين قصدوا الشرق..
وماذا بعد ها هو شقيقي الشيخ سامي عبدالله المغلوث الذي كرّم مساء أمس الاثنين من قبل مجلس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام وكيف أمضى أكثر من 25 عاماً من عمره وهو يبحث ويرسم ويصور ويسافر لدول عربية وإسلامية ليرصد كل ما له علاقة بالإسلام وحضارته وتأثيره في العالم من خلال مجموعة من أطالسه المختلفة.
فهنيئا له تفوقه وتميزه، وبالتالي حصل على هذه الجائزة (الملكية الفيصلية) إذا جاز التعبير وكلها خير تقدير.